البهجة في شرح التحفة على الأرجوزة تحفة الحكام
البهجة في شرح التحفة على الأرجوزة تحفة الحكام
تحقیق کنندہ
ضبطه وصححه
ناشر
دار الكتب العلمية
ایڈیشن نمبر
الأولى
اشاعت کا سال
١٤١٨هـ - ١٩٩٨م
پبلشر کا مقام
لبنان / بيروت
اصناف
مالکی فقہ
والمحتجب من جِهَة الْكَيْفِيَّة عَن الأوهام. حكى هَذِه الْأَقْوَال الشَّيْخ عبد الْقَادِر الجيلاني فِي كِتَابه الْمُسَمّى: غنية الطَّالِب نفعنا الله بِهِ. (الرَّحْمَن الرَّحِيم): نعتان لله، وَقيل الرَّحْمَن بدل والرحيم نعت للرحمن والرحمن الْمُنعم بجلائل النعم والرحيم الْمُنعم بدقائقها، وَقدم الأول وَهُوَ الله لدلالته على الذَّات، ثمَّ الثَّانِي لاختصاصه بِهِ وَلِأَنَّهُ أبلغ من الثَّالِث، فَقدم عَلَيْهِ ليَكُون كالتتمة والرديف، وَلِأَن الثَّالِث لَا يخْتَص بِهِ تَعَالَى بِدَلِيل قَوْله: بِالْمُؤْمِنِينَ رؤوف رَحِيم﴾ (التَّوْبَة: ١٢٨): الْحَمْدُ لله الَّذِي يَقْضِي وَلاَ يُقْضَى عَلَيْهِ جَلَّ شَأْنًا وَعَلاَ (الْحَمد لله): مُبْتَدأ وَخبر أَي الصِّفَات الجميلة كلهَا وَاجِبَة لله، وَمعنى، وُجُوبهَا أَنه لَا يتَصَوَّر فِي الْعقل عدم وَصفه بهَا، وَالْجُمْلَة خبرية لفظا إنشائية معنى إِذْ المُرَاد إنْشَاء الثَّنَاء بمضمونها أَي أنشىء وَصفه تَعَالَى بِكُل جميل، وأتى بِالْحَمْد بعد الْبَسْمَلَة اقْتِدَاء بِالْكتاب الْعَزِيز وامتثالًا لقَوْل رَسُول الله ﷺ: (كل أَمر ذِي بَال لَا يبتدأ فِيهِ بِالْحَمْد لله فَهُوَ أَجْذم) أَي مَقْطُوع الْبركَة. كَمَا ورد عَنهُ ﵇ أَنه قَالَ: (كل أَمر ذِي بَال لَا يبتدأ فِيهِ بِبسْم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم فَهُوَ أَبتر) أَي ذَاهِب الْبركَة، فَحمل النَّاظِم ﵀ حَدِيث الْبَسْمَلَة على الِابْتِدَاء الْحَقِيقِيّ بِحَيْثُ لَا يسْبقهُ شَيْء، وَحَدِيث الحمدلة على الِابْتِدَاء الإضافي الْقَرِيب مِنْهُ بِأَن يذكر الْحَمد عقب الْبَسْمَلَة مُتَّصِلا بهَا كَمَا يدل عَلَيْهِ الْقُرْآن فَهُوَ مُبين لكيفية الْعَمَل بِالْحَدِيثين، وَهَذَا أحد الْأَجْوِبَة عَمَّا أوردوه من أَن الِابْتِدَاء بِأَحَدِهِمَا يفوت الِابْتِدَاء بِالْآخرِ، ولنقتصر عَلَيْهِ لكَونه أحْسنهَا. ثمَّ إِن الْحَمد لُغَة هُوَ الْوَصْف بالجميل على الْجَمِيل على جِهَة التَّعْظِيم والتبجيل، فَالْمُرَاد بِالْوَصْفِ الذّكر بِاللِّسَانِ فَقَط، وَخرج بالجميل الْوَصْف بالقبيح فَلَيْسَ حمدًا بل ذمًا وَبِقَوْلِهِ: على جِهَة التَّعْظِيم الخ، الْوَصْف بالجميل تهكمًا نَحْو: ذُقْ إِنَّك أَنْت الْعَزِيز الْكَرِيم﴾ (الدُّخان: ٤٩) وَقيل: لَا حَاجَة لزِيَادَة هَذَا الْقَيْد بل هُوَ مُسْتَغْنى عَنهُ بقوله: بالجميل على الْجَمِيل وَهُوَ الظَّاهِر لِأَنَّهُ فِي الْآيَة الْكَرِيمَة وَصفه بالجميل وَهُوَ غير متصف بِهِ فِي الْحَقِيقَة بل مجَازًا بِاعْتِبَار مَا كَانَ عَلَيْهِ، وَالْمجَاز غير مُحْتَرز عَنهُ فِي الْحُدُود بل إِنَّمَا يحْتَرز فِيهَا عَمَّا يُشَارك الْمَحْدُود فِي الْإِطْلَاق الْحَقِيقِيّ. وَله أَرْكَان خَمْسَة: الصِّيغَة والحامد والمحمود وَهَذِه الثَّلَاثَة يتضمنها لفظ الْوَصْف وَهُوَ لَا يكون إِلَّا بِاللِّسَانِ، وَالرَّابِع: الْمَحْمُود بِهِ وَهُوَ صفة كَمَال يدْرك الْعقل السَّلِيم حسنها، وَالْمرَاد كَونه جميلًا فِي الْوَاقِع أَو عِنْد الحامد أَو الْمَحْمُود بزعم الحامد، وَالْخَامِس: الْمَحْمُود عَلَيْهِ وَهُوَ مَا يَقع الْوَصْف الْجَمِيل بإزائه ومقابلته فَهُوَ الْبَاعِث على الْحَمد، وَهَذَانِ مُصَرح بهما فِي التَّعْرِيف فَلفظ الْحَمد فِي كَلَام النَّاظِم يتَضَمَّن الصِّيغَة أَي اللَّفْظ الَّذِي يُؤدى بِهِ الْوَصْف ويتضمن الحامد أَي الواصف ويتضمن أَيْضا الْمَحْمُود بِهِ، إِذْ كل واصف لَا بُد لَهُ من لفظ بِصفة يصف بهَا غَيره،
1 / 13