التحليل والتعليق
تضمنت الآثار السابقة تورع السلف عن فعل أشياء، فالدستوائي والربيع ومالك بن دينار جميعيم تركوا أفعالا لا يوجد نهي صريح خاص عنها، كبناء القبر في البيت، أو تقييد الميت بقيود كهيئة العبد الآبق، أو السكن في الجبانة (^١)، ولم يمنعهم من ذلك إلا أنهم لا يعرفونه عمن سبقهم، وهذا المسلك من أهم المسالك التي يجب العناية بتحقيقها؛ فإنه يمنع المسلم من الوقوع في البدع المنهي عنها، ومن مخالفة الشرع من حيث لا يشعر، وقد اشتهر عن الإمام أحمد ﵀ قوله: "إياك أن تتكلم في مسألة ليس لك فيها إمام" (^٢)، وقال البربهاري ﵀: "انظر رحمك اللَّه كل من سمعت كلامه من أهل زمانك خاصة، فلا تعجلن ولا تدخلن في شيء منه حتى تسأل وتنظر، هل تكلم فيه أحد من أصحاب النبي ﷺ، أو أحد من العلماء؛ فإن أصبت فيه أثرا عنهم فتمسك به، ولا تجاوزه لشيء،