Al-Ahadith al-Da'ifa wal-Mawdu'a fi Tafsir Ibn Kathir
الأحاديث الضعيفة والموضوعة التي حكم عليها الحافظ ابن كثير في تفسيره
ناشر
مكتبة العلوم والحكم
ایڈیشن نمبر
الأولى
اشاعت کا سال
١٤٣١ هـ - ٢٠١٠ م
پبلشر کا مقام
المدينة المنورة - المملكة العربية السعودية
اصناف
الْأَحَادِيث الضعيفة والموضوعة
الَّتِي حكم عَلَيْهَا الْحَافِظ ابْن كثير فِي تَفْسِيره
قدم لَهُ
فَضِيلَة الشَّيْخ عبد الله بن مَانع الروقي - حفظه الله -
كتبه
أَبُو عبد الرَّحْمَن/ مَحْمُود بن مُحَمَّد الملاح
مكتبة الْعُلُوم وَالْحكم
نامعلوم صفحہ
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
مقدمة فضيلة الشيخ: عبد الله بن مانع الروقي حفظه الله
الحمد لله، وأصلي وأسلم على رسول الله أما بعد:
فإن تفسير الحافظ ابن كثير ﵀ قد سار في الناس مسير الشمس فقد تداوله العلماء، وطلاب العلم والعوام، بل أصبح يطالعه صغار الطلبة وأحداثهم في السن ...
ولعل أسباب ذلك كثيرة منها:
١ - ما وفق الله المؤلف من حسن النية في ذلك - وهذا هو الظن به ﵀ فقد كان من العلماء العاملين الربانيين ...
٢ - ومنها ما تميز به هذا التفسير من مميزات عديدة جعلته مقبولا سهلا وذلك من حيث:
* سهولة العبارة، وقربها والابتعاد عن الغريب ووحشي الألفاظ، فهي مفهومة ليست لغة خواص بل يفهمها أكثر الناس.
* ومن المميزات أنه تفسير سلفي مأمون لا تأويل فيه لآيات الصفات ... وقد نفع الله المؤلف بما أجراه على يد شيخه حبر الأمة شيخ الإسلام ابن تيمية ﵀ فاستفاد منه ومن مؤلفاته كثيرا كما استفاد من صحبته شيخه الإمام الحافظ المزي ﵀ وقد صاهره على ابنته، فجمع الله له بين هذين الجبلين وغيرهما، فصار تفسيره متقنا.
* ومن المميزات أن هذا التفسير مليء بالآثار المرفوعة والموقوفة؛ فالحديث صناعة مؤلفه وله فيه كعب عال، شهد له بذلك العلماء، ومن طالع كتب الحافظ
1 / 5
أبي الفداء ابن كثير كالبداية والنهاية لاسيما الأجزاء الأولى علم ذلك جليا، فكيف بما سواه من المؤلفات الأخرى المتنوعة.
وقد تكلم الحافظ ابن كثير في تفسيره هذا على جملة من الأحاديث فضعفها وتكلم على أسانيدها ... مع أنه سكت على جملة أخرى فيها ضعف، ويا ليته استقصى الكل، وأتم النصح ولو فعل ذلك لتم كتابه ولكن قدر الله وما شاء فعل.
وقد قام فضيلة الشيخ محمود الملاح - سدده الله وحفظه ونفع به - فجمع ما تكلم عليه الحافظ ابن كثير بالضعف أوالوضع فأفردها، وحشى عليها حتى يكون المطالع لهذا التفسير على علم بها، وفيه تقريب لأحكام الحافظ ابن كثير على الأحاديث؛ للاستفادة منها بسهولة وييسر لجمعها في كتاب واحد ... وكنت أتمنى لو أتى على الأخبار التي سكت عنها الحافظ ابن كثير ومحصها وبين حالها، ولعل ذلك يكون له في مستقبل أمره. فأجزل الله مثوبته ونفع بكتابه كما نفع بأصل كتابه - تفسير ابن كثير - وبارك في جهوده.
والحمد لله أولا وآخرا وظاهرا وباطنا.
وكتبه
أبو محمد عبد الله بن مانع الروقي
صبيحة الأحد الرابع من جمادى الأولى لعام ١٤٣١هـ
1 / 6
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
المقدمة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين أما بعد:
فلا يخفى على أحد تمكن الحافظ ابن كثير ﵀ من علوم الشريعة، وخاصة في التفسير والحديث، وليس أدل على ذلك من تلقي العلماء وطلبة العلم كتبه بالقبول، والإقبال عليها قراءة وتدريسًا واختصارًا كما في تفسيره المبارك (تفسير القرآن العظيم) الذي لا يكاد يخلو منه بيت كل من له أدنى علاقة بالعلم الشرعي حتى قيل: (بيت فقير الذي يخلو منه تفسير ابن كثير).
يقول العلامة المحدث أحمد شاكر ﵀ (١):
(فإن تفسير الحافظ (ابن كثير) أحسن التفاسير التي رأينا وأجودها وأدقها، بعد تفسير إمام المفسرين أبي جعفر الطبري. ولسنا نوازن بينهما وبين أي تفسير آخر مما بأيدينا، فما رأينا مثلهما ولا ما يقاربهما.
وقد حرص الحافظ ابن كثير على أن يفسر القرآن بالقرآن أولا، ما وجد إلى ذلك سبيلًا، ثم بالسنة الصحيحة التي هي بيان لكتاب الله، ثم يذكر كثيرًا من أقوال السلف في تفسير الآي. وإنه ليذكر الأحاديث - في أكثر المواضع - بأسانيدها من دواوين السنة ومصادرها. وكثيرًا ما يذكر تعليل الضعيف منها، ولكنه يحرص أشد الحرص على أن يذكر الأحاديث الصحاح، وإن ذكر معها الضعاف. فكتابه - بجانب أنه تفسير للقرآن - معلم ومرشد لطالب الحديث، يعرف به كيف ينقد الأسانيد والمتون، وكيف يميز الصحيح من غيره. فهوكتاب في هذا المعنى تعليمي عظيم، ونفعه جليل كثير).
_________
(١) عمدة التفسير (١/ ٩)، الطبعة الثانية، ١٤٢٦هـ - ٢٠٠٥م، نشر دار الوفاء، دار ابن حزم.
1 / 7
وحتى تدرك القيمة الحديثية لكتاب تفسير ابن كثير فهذه مقارنة بينه وبين كتب الحديث الأخرى من حيث عدد الأحاديث الموجودة بالتكرار (١)
الكتاب ... تفسير ابن كثير ... البخاري ... مسلم ... أبو داود ... الترمذي ... النسائي ... ابن ماجه
عدد الأحاديث ... ٧٨٧٨ ... ٧٥٦٣ ... ٥٧٧٠ ... ٥٢٧٤ ... ٣٩٥٦ ... ٥٧٥٨ ... ٤٤٣١
وأحاول في هذا الكتاب إبراز مكانة ابن كثير الحديثية، وتقريبها للقراء من خلال جمع الأحاديث التي حكم عليها بالضعف والوضع من خلال كتابه تفسير القرآن العظيم؛ حتى يسهل الاستفادة منها.
وقد بين الحافظ ابن كثير الأحاديث الضعيفة والموضوعة في جميع سور القرآن في كتابه، وأن سورة الزخرف هي أول سورة في التفسير تخلو من ذلك ويتبعها سور قليلة هي: الصف والجمعة والقيامة والطارق والعلق والعصر والهمزة والكافرون والمسد؛ أما سورة المرسلات ذكر فيها حديثًا واحدًا قد سبق ذكره في سورة البقرة الآية (٧٩)، انظر حديث رقم (٤٤) من هذا الكتاب، وسورة الغاشية ذكر فيها حديثًا واحدًا قد سبق ذكره في سورة المؤمنون الآية (٨٧)، انظر حديث رقم (٥٨٧).
وبهذا يكون الحافظ ابن كثير قد ذكر في تفسيره الأحاديث الضعيفة والموضوعة الواردة في جميع سور القرآن ما عدا السور العشر المذكورة آنفًا؛ مما يدل على تتبع الحافظ ابن كثير وحرصه على بيان حكم هذه الأحاديث في كتابه حتى بلغت قرابة الألف حديث.
_________
(١) الإمام ابن كثير وأثره في علم الحديث رواية ودراية ص (٤٣٥) للدكتور: عدنان محمد آل شلش، دار النفائس، الأردن، الطبعة الأولى ١٤٢٥هـ. قلت (الملاح): أعداد الأحاديث المذكورة تقريبية.
1 / 8
عملي في هذا الكتاب:
١ - قرأت تفسير ابن كثير وجمعت الأحاديث الضعيفة والموضوعة التي حكم عليها الحافظ ابن كثير بنفسه، وكذا الأحاديث التي نقل حكم العلماء عليها بالضعف ورضيه.
٢ - رتبت هذه الأحاديث حسب سور القرآن الكريم ورقمتها ترقيمًا تسلسليًا، وبينت مكانها من التفسير بوضع اسم السورة ورقم الآية حتى يسهل الرجوع إليها بالرغم من اختلاف الطبعات، وإذا كان الحديث في مقدمة السورة ذكرت اسم السورة فقط، وأشرت إلى موطن الحديث المكرر في التفسير عند ذكره أول مرة؛ وبهذا يكون الترقيم بدون المكرر.
٣ - قمت باختصار السند إلى الصحابي عن رسول الله ﷺ إلا إذا كان كلام الحافظ ابن كثير متعلقًا بالسند فلم أحذفه، وإذا كان الاختصار في غير بداية الحديث وضعت مكان الاختصار النقط بهذاالشكل ...؛ حتى يفهم القاريء. وقد يقتضي حذف الإسناد إضافة كلمة (عن) في بدايته حتى يتضح الكلام.
٤ - قد اعتمدت في النص المذكور على طبعة دار طيبة بالرياض بتحقيق سامي السلامة - وفقه الله -، الإصدر الثاني، الطبعة الأولى ١٤٢٢هـ، وعلقت عليه ببعض الحواشي وحرصت على الاختصار واستفدت من حواشي السلامة أحيانًا. وحرصت على ذكر كلام المحدث أحمد شاكر والعلامة الألباني - رحمهما الله - غالبًا.
٥ - ذكرت متن الحديث الذي أشار الحافظ ابن كثير إلى ضعفه ولم يذكره في التفسير.
٦ - كتبت تمهيدًا بين يدي الكتاب ذكرت فيه وقفات يسيرة مع الحافظ ابن كثير في تفسيره.
1 / 9
٧ - عملت فهارس أبجدية لجميع الأحاديث الواردة في هذا الكتاب من خلال:
- ذكر أطرافها، ورقمها في الكتاب.
- اسم السورة ورقم الآية.
- اسم الصحابي.
- حكم الحافظ ابن كثير عليها مختصرًا؛ حتى يسهل على القاريء الوصول لحكم الحافظ ابن كثير بسرعة.
٨ - سميت هذا الكتاب (الأحاديث الضعيفة والموضوعة التي حكم عليها الحافظ ابن كثير في تفسيره).
وأسأل الله أن يتقبله مني وأن يوفقنا لما يحب ويرضى، وهذا جهدي فما كان من صواب فمن الله وحده، وإن كانت الأخرى فأسأل الله أن يعفو عني، ورحم الله مسلمًا وجد خللًا، أو نقصًا فسدده، وبادر بالنصح فالصدر منشرح، والله الموفق لسواء السبيل.
وصلى الله وسلم على محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
كتبه أبو عبد الرحمن
محمود بن محمد الملاح
السعودية - الرياض
بعد عشاء الجمعة ١٦ من شعبان لعام١٤٣٠هـ
malmalah@hotmail.com
هاتف رقم ٠٥٠٨٤٥٧٥٧٠
1 / 10
تمهيد
1 / 11
وقفات مع الحافظ ابن كثير
هذه وقفات يسيرة مع الحافظ ابن كثير ﵀ من خلال تفسيره المبارك للقرآن العظيم أحببت أن ألقي عليها الضوء عسى أن يكون فيها الفائدة لنا جميعا:
الأولى: ورع الحافظ ابن كثير وخوفه من القول على الله بغير علم؛ وذلك من كثرة تكراره لكلمة (والله أعلم) في تفسيره بصورة لا تكاد توجد في كتاب آخر قاربت في مجموع كتابه الألف مرة، (٨٢٤) مرة بالضبط، وهذا الخلق نحتاج أن يتربى عليه المسلمون الآن، خاصة في هذا الزمن الذي من سماته الجرأة على الفتوى، والقول على الله بغير علم، وأصبح الكلام في الدين كلأ مباحا لكل أحد بغير خوف ولا وجل من الله، ولا حول ولا قوة إلا بالله.
الثانية: تعظيم الحافظ ابن كثير للأحاديث الصحيحة، والعمل بها، والاعتقاد بما تدل عليه، ويتضح ذلك بصورة كبيرة في الكتاب من خلال حرصه على بيان أحكام الأحاديث التي يتعرض لها في التفسير، ومن هذه الأمثلة:
١ - عن عائشة، قالت: ما كان النبي ﷺ يفسر شيئًا من القرآن إلا آيا تُعد، علمهن إيَّاه جبريل، ﵇. ...
وتكلَّم عليه الإمام أبو جعفر بما حاصله أن هذه الآيات مما لا يعلم إلا بالتوقيف عن الله تعالى، مما وقفه عليها جبريل. وهذا تأويل صحيح لو صح الحديث. انظر الحديث رقم (٣) من الكتاب.
* لاحظ أن الحافظ ابن كثير علق قبول التفسير على صحة الحديث فقال: وهذا تأويل صحيح لو صح الحديث.
٢ - وقد ورد في ذلك حديث - لو ثبت لقلنا به على الرأس والعين، ولكن لم يصح سنده -
قال ابن جرير: ... عن العباس بن عبد المطلب، عن النبي ﷺ في حديث ذكره
1 / 12
قال: هو (أي الذبيح) إسحاق. (١) (الصافات: ١٠٧) انظر حديث رقم (٦٨٧).
٣ - عن موسى بنُ عُلَيِّ بن رَبَاح، حدثني أبي، عن جدي: أن النبي ﷺ قال له: "ما ولد لك؟ " قال: يا رسول الله، ما عسى أن يُولَد لي؟ إما غلام وإما جارية. قال: "فمن يشبه؟ ". قال: يا رسول الله، من عسى أن يشبه؟ إما أباه وإما أمه. فقال النبي ﷺ عندها: "مه. لا تقولَنَّ هكذا، إن النطفة إذا استقرت في الرحم أحضرها الله كل نسب بينها وبين آدم؟ أما قرأت هذه الآية في كتاب الله: ﴿فِي أَيِّ صُورَةٍ مَا شَاءَ رَكَّبَكَ﴾ " قال: سَلَكك.
وهكذا رواه ابن أبي حاتم والطبراني، من حديث مُطهر بن الهيثم، به وهذا الحديث لو صح لكان فيصلا في هذه الآية، ولكن إسناده ليس بالثابت ... (الانفطار: ٨) انظر حديث رقم (٨٥٥).
الثالثة: احترام ابن كثير لشيوخه واستفادته العظيمة منهم سواء من: دروسهم، أو من كتبهم، أو عرض ما يحتاجه عليهم وأخذ مشورتهم في ذلك، وقد اتضح ذلك من خلال شيوخه العظام كالحافظ أبي الحجاج المزي والعلامة شيخ الإسلام ابن تيمية والحافظ أبي عبد الله الذهبي.
وقد تتبعت عدد مرات ذكره لشيوخه الثلاثة في التفسير بلغت ثلاثين مرة تقريبا، تجد توقيره الشديد لهم وتسميتهم بشيخنا، والحافظ، والعلامة ... وقد ظهر جليا أثر هؤلاء الثلاثة في التوجه العلمي لابن كثير في نقد الأخبار وتمحيصها، والأخذ في العقيدة بمذهب السلف وبخاصة ما يتعلق بآيات الأسماء والصفات.
انظر الأحاديث رقم (٦٤٦، ٦٥٨، ٦٨٢، ٨٧٩) من هذا الكتاب.
ونحن نحتاج إلى مثل هذا الآداب مع علمائنا في زمننا الحاضر أكثر مما مضى، مع الحرص على الاستفادة من علمهم، وتوقيرهم، والرجوع إليهم فيما يشكل علينا؛ فالحاجة إليهم أكثر من حاجتنا للطعام والشراب.
_________
(١) قال الألباني في السلسلة الضعيفةح (٣٣٢): (... وبالجملة فطرق هذا الحديث كلها ضعيفة ليس فيها ما يصلح أن يحتج به، وبعضها أشد ضعفًا من بعض، والغالب أنها إسرائيليات رواها بعض الصحابة ترخصًا أخطأ في رفعها بعض الضعفاء ...).
1 / 13
الرابعة: استقلال الحافظ ابن كثير في نقده للأحاديث ويتضح ذلك من تعقباته الكثيرة لمن سبقه، وبيان وجهة نظره بتجرد مع احترامه الشديد للعلماء والأئمة في هذا المجال مع الدعاء لهم بالرحمة، ومن الأمثلة على ذلك:
تعقب القاضي عياض، انظر الحديث رقم (٣٨٦).
تعقب الترمذي، انظر الأحاديث رقم (٣٩٩، ٨٧٩).
تعقب ابن جرير الطبري والحاكم، انظر الأحاديث رقم (٢٩، ٤٠٦، ٥٠٢، ٦٦٦).
تعقب أبي زرعة الرازي، انظر الحديث رقم (٥٢٧).
تعقب أبي بكر بن شيبة، انظر الحديث رقم (٦١٧).
تعقب ابن حزم، انظر الحديث رقم (٧٢٤).
تعقب الإمام محمد بن نصر، انظر الحديث رقم (٨٤١).
وفي هذا تربية عملية على أدب الحوار، والخلاف مع الآخرين، والحرص على بيان الحق مع الحفاظ على مكانة المخالف وعدم إسقاطه وبقاء الود والمحبة وبخاصة إذا كان من أهل السنة والجماعة، وهذا الخلق نحن في أشد الحاجة إليه الآن وبخاصة مع تصاعد (ظاهرة) الجرح والتعديل للعلماء وطلبة العلم، وتصيد أخطائهم والتشهير بهم، بل والتحذير منهم بدعوى النصيحة!
الخامسة: حرص الحافظ ابن كثير على بيان ضعف الحديث، وذكر السبب الذي من أجله حكم عليه بالضعف، سواء كان ذلك في السند أو في المتن، وترى ذلك واضحًا بقراءة مئات الأمثلة من هذا الكتاب.
* أحيانًا يفصل تفصيلًا جميلًا بغير تطويل، ومن الأمثلة على ذلك الأحاديث رقم (٣٥٣، ٣٩٠).
* أحيانًا ينقد المتن ويرده لمخالفته للقرآن، أوالأحاديث الصحيحة، أوالتاريخ ومن الأمثلة على ذلك الأحاديث رقم (٤١١، ٥٠٦، ٥٠٧، ٥١٢، ٥١٧، ٦٨٦، ٧٢٩، ٧٣٧، ٨٧٩).
1 / 14
* تتضح معرفته بالرجال وأحوالهم وما يستحقونه من الجرح والتعديل كما ترى ذلك واضحًا في هذا الكتاب، ومن الأمثلة على ذلك:
١ - محمد بن السائب الكلبي متروك الحديث. انظرالحديث رقم (٤)
٢ - أبو معشر هو نَجِيح بن عبد الرحمن المدني إمام [في] المغازي، والسير، ولكن فيه ضعف. انظر الحديث رقم (٧٤)
٣ - لا يصح هذا الحديث لحال عُمر بن عبد الله هذا فإنه مجمع على ضعفه، وذكروا أنه كان يشرب الخمر. وقال الدارقطني: متروك. انظر الحديث رقم (٣١٩)
٤ - تفرد بهذا السياق عبد الغفار بن القاسم أبو مريم، وهو متروك كذاب شيعي، اتهمه علي بن المديني وغيره بوضع الحديث، وضعّفه الأئمة ﵏. انظر الحديث رقم (٦١٤).
وبين الحافظ ابن كثير موقفه من الإسرائيليات وروايتها في مقدمة تفسيره، وتتبع الضعيف منها ونبه عليه بصورة تجعله من الرواد في هذا المجال كما شهد بذلك العلامة محمد أبو شهبة حيث يقول (١):
(ومن خصائص هذا التفسير العظيم: أنه يعتبر نسيج وحده في التنبيه على الإسرائيليات والموضوعات في التفسير، تارة يذكرها، ويعقب عليها، وتارة لا يذكرها بل يشير إليها، ويبين رأيها فيها، ... وكل من جاء بعد ابن كثير من المفسرين، ممن تنبه إلى الإسرائيليات والموضوعات، وحذر منها، هم عالة عليه في هذا، ومدينون له فيها بهذا الفضل: كالإمام الألوسي، والأستاذ محمد عبده، والسيد محمد رشيد رضا - رحمهم الله تعالى -، ولهذا الكتاب فضل كبير علي في تنبيهي إلى الإسرائيليات والموضوعات في كتب التفسير وهو معتمدي، ومرجعي الأول في هذا الباب، وللإمام ابن كثير حاسية دقيقة، وملكة راسخة في نقد المرويات والتنبيه إلى منشئها ومصدرها، وكيف تدسست إلى الرواية الإسلامية، وقد تعقب ابن جرير - على جلالته وتقدمه - في بعض الإسرائيليات والموضوعات التي ذكرها في تفسيره ...).
_________
(١) الإسرائيليات والموضوعات في كتب التفسير ص (١٢٩) طبعة دار الجيل، بيروت، ١٤٢٥هـ.
1 / 15
انظر بعض الأمثلة من هذا الكتاب:
الأحاديث رقم (١١، ٣٨٥، ٥٢٧، ٥٤٤، ٦٩٢،٦٩٣، ٦٩٤).
السادسة: ترك الحافظ ابن كثير لقلمه العنان - أحيانًا - فيخرج بعض التحف العلمية التي لا تكاد تجدها في مكان آخر، حيث يجمع الأحاديث الواردة في الموضوع الواحد، ويبين درجة كل حديث بما يناسبه، ومن الأمثلة على ذلك:
- ما فعل في تفسير سورة البقرة الآية (٢٢٣).
- ما فعل في أول سورة الإسراء في أحاديث الإسراء والمعراج (١).
- في تفسير قوله تعالى: (وما كنا معذبين حتى نبعث رسولا) سورة الإسراء الآية (١٥).
- في تفسير سورة الأنبياء الآية (١٠٤).
- في تفسير سورة الأحزاب الآية (٥٦).
السابعة: حرص الحافظ ابن كثير على الدقة في بيان الألفاظ، ومدى صحتها، وموافقتها للنص الوارد عن رسول الله ﷺ.
انظر لهذا المثال في تفسير الآية (١٥) من سورة الإسراء حيث يقول:
(إلى غير ذلك من الآيات الدالة على أن الله تعالى لا يدخل أحدًا النار إلا بعد إرسال الرسول إليه، ومن ثم طعن جماعة من العلماء في اللفظة التي جاءت مقحمة في صحيح البخاري عند قوله تعالى: ﴿إِنَّ رَحْمَةَ اللَّهِ قَرِيبٌ مِنَ الْمُحْسِنِينَ﴾ [الأعراف: ٥٦].
حدثنا عبيد الله بن سعد، حدثنا يعقوب، حدثنا أبي، عن صالح بن كَيْسَان، عن الأعرج بإسناده إلى أبي هريرة، عن النبي ﷺ قال: "اختصمت الجنة والنار" فذكر الحديث إلى أن قال: "وأما الجنة فلا يظلم الله من خلقه أحدًا، وأنه ينشئ للنار خلقًا فيلقون فيها، فتقول: هل من مزيد؟ ثلاثا، وذكر تمام الحديث.
_________
(١) قد أفردها الشيخ إسماعيل الأنصاري ﵀ في رسالة مستقلة وعلق عليها.
1 / 16
فإن هذا إنما جاء في الجنة لأنها دار فضل، وأما النار فإنها دار عدل، لا يدخلها أحد إلا بعد الإعذار إليه وقيام الحجة عليه.
وقد تكلم جماعة من الحفاظ في هذه اللفظة وقالوا: لعله انقلب على الراوي بدليل ما أخرجاه في الصحيحين واللفظ للبخاري من حديث عبد الرزاق عن مَعْمَر، عن همام، عن أبي هريرة قال: قال النبي ﷺ: "تحاجت الجنة والنار" فذكر الحديث إلى أن قال: "فأما النار فلا تمتلئ حتى يضع فيها قدمه، فتقول: قط، قط، فهنالك تمتلئ ويزوي بعضها إلى بعض، ولا يظلم الله من خلقه أحدًا، وأما الجنة فينشئ الله لها خلقًا".
انظر إلى الأحاديث رقم (٣٧٥،٤١١، ٤٨٩، ٧١٣).
الثامنة: ذكر الحافظ ابن كثير بعض الفوائد الحديثية التي تدل على تمرسه وتمكنه في هذا العلم، ومنها هذا المثال من حديث رقم (٥٣١):
- قول الإمام أحمد: حدثنا سفيان، عن الزهري، عن عروة، عن [زينب بنت أبي سلمة، عن حبيبة بنت أم حبيبة بنت أبي سفيان، عن أمها أم حبيبة، عن] زينب بنت جحش زوج النبي ﷺ قال سفيان: أربع نسوة - قالت: استيقظ النبي ﷺ من نومه. وهو محمر وجهه، وهو يقول: "لا إله إلا الله! ويل للعرب من شر قد اقترب! فتح اليوم من ردم يأجوج ومأجوج مثل هذا". وحَلَّق. قلت: يا رسول الله، أنهلك وفينا الصالحون؟ قال: "نعم إذا كثر الخبث".
هذا حديث صحيح، اتفق البخاري ومسلم على إخراجه، من حديث الزهري، ولكن سقط في رواية البخاري ذكر حبيبة، وأثبتها مسلم.
* وفيه أشياء عزيزة نادرة، قليلة الوقوع في صناعة الإسناد:
- منها رواية الزهري عن عروة، وهما تابعيان.
- ومنها اجتماع أربع نسوة في سنده، كلهن يروي بعضهن عن بعض.
- ثم كل منهن صحابية.
- ثم ثنتان ربيبتان.
- وثنتان زوجتان، ﵅. (الكهف: ٩٧)
1 / 17
* ومن الفوائد أيضا ما ذكره في تفسير الآية (١٧٢) من الأعراف:
(قلت: الظاهر أن الإمام مالكًا إنما أسقط ذكر "نعيم بن ربيعة" عمدًا؛ لما جهل حاله ولم يعرفه، فإنه غير معروف إلا في هذا الحديث، وكذلك يسقط ذكر جماعة ممن لا يرتضيهم؛ ولهذا يرسل كثيرًا من المرفوعات، ويقطع كثيرًا من الموصولات، والله أعلم).
وقد علق العلامة الألباني في السلسلة الضعيفة حديث رقم (٣٠٧١) قائلا:
(قلت: وهذه فائدة عزيزة هامة من قبل هذا الحافظ النحرير. فعض عليها بالنواجذ).
التاسعة: يرى الحافظ ابن كثير أن الحديث الضعيف يقوى بكثرة الطرق، ولكن ذلك ليس على إطلاقه بل بحسب كل حديث؛ ولذا تجد الحافظ ابن كثير يرد الحديث الضعيف ولو كثرت طرقه.
من الأمثلة على ذلك:
* عن أبي عثمان الفقير؛ أن جبريل علم النبي ﷺ إذا قام من مجلسه أن يقول: سبحانك اللهم وبحمدك، أشهد أن لا إله إلا أنت، أستغفرك وأتوب إليك. قال معمر: وسمعت غيره يقول: هذا القول كفارة المجالس. (١)
وهذا مرسل، وقد وردت أحاديث مسندة من طرق - يقوي بعضها بعضا - بذلك ...
انظر الأحاديث رقم (٦٤٩،٧٥٧).
* عن ابن عباس قال: قال النبي ﷺ: "لو لم يقل - يعني: يوسف - الكلمة التي قال: ما لبث في السجن طول ما لبث. حيث يبتغي الفرج من عند غير الله".
وهذا الحديث ضعيف جدا؛ لأن سفيان بن وَكِيع ضعيف، وإبراهيم بن يزيد - هو الخُوزي - أضعف منه أيضا.
وقد رُوي عن الحسن وقتادة مرسلًا عن كل منهما، وهذه المرسَلات هاهنا لا تقبل لو قبل المرسل من حيث هو في غير هذا الموطن، والله أعلم. (يوسف: ٤٢) انظر
_________
(١) المصنف برقم (١٩٧٩٦).
1 / 18
الحديث رقم (٤٥٩).
* قد ذكر كثير من المفسرين هاهنا قصة الغَرَانيق، وما كان من رجوع كثير من المهاجرة إلى أرض الحبشة، ظَنا منهم أن مشركي قريش قد أسلموا. ولكنها من طرق كلها مرسلة، ولم أرها مسندة من وجه صحيح، والله أعلم. انظر الحديث رقم (٥٧٦).
العاشرة: تسامح الحافظ ابن كثير في ذكر الحديث الضعيف في الترغيب والترهيب مع بيان أنه ضعيف، ومن الأمثلة على ذلك: - عن أبي أمامة ﵁ عن النبي ﷺ قال: "ما من مسلم ينظر إلى محاسن امرأة [أوّل مَرّة] ثم يَغُضّ بصره، إلا أخلف الله له عبادة يجد حلاوتها". (١)
ورُوي هذا مرفوعًا عن ابن عمر، وحذيفة، وعائشة، ﵃ ولكن في إسنادها ضعف، إلا أنها في الترغيب، ومثله يتسامح فيه.
وفي الطبراني من طريق عبيد الله بن زَحْر، عن علي بن يزيد، عن القاسم، عن أبي أمامة مرفوعا: "لَتغضُنَّ أبصاركم، ولتحفظن فروجكم، ولتقيمُنّ وجوهكم - أو: لتكسفن وجوهكم".
(النور: ٣٠)
راجع هذه المسألة في كتاب (الحديث الضعيف وحكم الاحتجاج به) ص (٢٤٥ - ٣١٦) لشيخنا الدكتور: عبدالكريم بن عبد الله الخضير - حفظه الله -، طبعة دار المنهاج بالرياض، الطبعة الأولى١٤٢٥هـ.
هذه بعض الإشارات والوقفات مع الحافظ ابن كثير التي أحببت ذكرها بين يدي هذا الكتاب، نسأل الله أن ينفعنا بها، ونسأله التوفيق والسداد.
_________
(١) المسند (٥/ ٢٦٤). وفي إسناده عبيد الله بن زحر، قال ابن حبان: "يروي الموضوعات عن الأثبات وإذا روى عن علي بن يزيد أتى بالطامات، وإذا اجتمع في إسناد خبر عبيد الله بن زحر وعلي بن يزيد والقاسم أبو عبد الرحمن، لم يكن ذلك الخبر إلا مما عملته أيديهم".
1 / 19
الأحاديث الضعيفة والموضوعة التي حكم عليه الحافظ ابن كثير في تفسيره
1 / 20
مقدمة التفسير
١ - عن جُنْدب أن رسول الله ﷺ قال: "من قال في القرآن برأيه فقد أخطأ".
وقد روى هذا الحديث أبو داود، والترمذي، والنسائي من حديث سهيل بن أبي حزم القُطعي (١)، وقال الترمذي: غريب، وقد تكلم بعض أهل العلم في سهيل. وفي لفظ لهم: "من قال في كتاب الله برأيه، فأصاب، فقد أخطأ" أي: لأنه قد تكلف ما لا علم له به، وسلك غير ما أمر به، فلو أنه أصاب المعنى في نفس الأمر لكان قد أخطأ؛ لأنه لم يأت الأمر من بابه، كمن حكم بين الناس على جهل فهو في النار، وإن وافق حكمه الصواب في نفس الأمر، لكن يكون أخف جرمًا ممن أخطأ، والله أعلم. (المقدمة)
٢ - عن إبراهيم التَّيْمِي؛ أن أبا بكر الصديق سئل عن قوله: ﴿وَفَاكِهَةً وَأَبًّا﴾ [عبس: ٣١]، فقال: أي سماء تظلني، وأي أرض تقلني؟ إذا أنا قلت في كتاب الله ما لا أعلم.
منقطع (٢) (المقدمة)
٣ - عن عائشة، قالت: ما كان النبي ﷺ يفسر شيئًا من القرآن إلا آيا تُعد، علمهن إيَّاه جبريل، ﵇.
_________
(١) قال المحدث أحمد شاكر ﵀ في تحقيقه للطبري (١/ ٧٩): (في المطبوعة "سهيل بن أبي حزم"، وهو نفسه "سهيل أخو حزم". وإنما قيل "سهيل أخو حزم" تعريفًا له بأخيه "حزم بن أبي حزم القطعي"، إذ كان أوثق منه وأشهر. و"سهيل" هذا قال البخاري في التاريخ الكبير: "ليس بالقوي عندهم"، وروى ابن أبي حاتم في الجرح والتعديل عن أبيه، قال: "سهيل بن أبي حزم: ليس بالقوي، يكتب حديثه ولا يحتج به، وحزم أخوه أتقن منه". وفي المطبوعة أيضًا "أبو عمران الجويني"، وهو خطأ، وأبو عمران هو: عبد الملك بن حبيب الأزدي البصري).وضعفه الألباني ﵀ في ضعيف الجامع ح (٥٧٣٦).
(٢) قال الحافظ ابن كثير أيضا في تفسير سورة عبس الآية: (٣١): (وهذا منقطع بين إبراهيم التيمي والصديق). وضعفه ابن تيمية في أصول التفسير (١٠٨)، وابن حجر في الفتح (١٣/ ٢٧١). انظر: تفسير ابن كثير تحقيق الحويني (١/ ١٢٦)، الإسرائيليات والموضوعات في كتب التفسير لأبي شهبة (٧٧ - ٨١).
1 / 21
ثم رواه عن أبي بكر محمد بن يزيد الطرسوسي، عن مَعْن بن عيسى، عن جعفر بن خالد، عن هشام، به. فإنه حديث منكر غريب، وجعفر هذا هو ابن محمد بن خالد بن الزبير بن العوام القرشي الزبيري، قال البخاري: لا يتابع في حديثه، وقال الحافظ أبو الفتح الأزدي: منكر الحديث.
وتكلَّم عليه الإمام أبو جعفر بما حاصله أن هذه الآيات مما لا يعلم إلا بالتوقيف عن الله تعالى، مما وقفه عليها جبريل. وهذا تأويل صحيح لو صح الحديث. (المقدمة)
٤ - قال ابن جرير: وقد روى نحوه في حديث في إسناده نظر:
عن عبد الله بن عباس: أن رسول الله ﷺ قال: "أنزل القرآن على أربعة أحرف: حلال وحرام، لا يعذر أحد بالجهالة به. وتفسير تفسره العرب، وتفسير تفسره العلماء. ومتشابه لا يعلمه إلا الله ﷿، ومن ادعى علمه سوى الله فهو كاذب".
والنظر الذي أشار إليه في إسناده هو من جهة محمد بن السائب الكلبي؛ فإنه متروك الحديث؛ لكن قد يكون إنما وهم في رفعه. ولعله من كلام ابن عباس، كما تقدم، والله أعلم بالصواب. (١) (المقدمة)
_________
(١) قال المحدث أحمد شاكر في تحقيقه للطبري (١/ ٧٦): (إنما قال الطبري: "فيه نظر"؛ لأن الذي رواه هو الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس. وقد رد الطبري آنفًا خبرًا روى بمثل هذا الإسناد فقال: إنه ليس من رواية من يجوز الاحتجاج بنقله. انظر ص (٦٦». ووافقه الحويني (١/ ١٣٤).
1 / 22
سورة الفاتحة
٥ - وسماها يحيى بن أبي كثير: الكافية؛ لأنها تكفي عما عداها ولا يكفي ما سواها عنها، كما جاء في بعض الأحاديث المرسلة: " أم القرآن عوض من غيرها، وليس غيرها عوضا عنها " (١) ويقال لها: سورة الصلاة والكنز، ذكرهما الزمخشري. (الفاتحة)
٦ - وقد وقع في الموطأ للإمام مالك بن أنس، ما ينبغي التنبيه عليه، فإنه رواه مالك عن العلاء بن عبدالرحمن بن يعقوب الحُرَقي: أن أبا سعيد مولى عامر بن كريز أخبرهم، أن رسول الله ﷺ نادى أبي بن كعب، وهو يصلي في المسجد، فلما فرغ من صلاته لحقه، قال: فوضع النبي ﷺ يده على يدي، وهو يريد أن يخرج من باب المسجد، ثم قال: " إني لأرجو ألا تخرج من باب المسجد حتى تعلم سورة ما أنزل في التوراة ولا في الإنجيل ولا في الفرقان مثلها ". قال أبيّ: فجعلت أبطئ في المشي رجاء ذلك، ثم قلت: يا رسول الله، ما السورة التي وعدتني؟ قال: " كيف تقرأ إذا افتتحت الصلاة؟ قال: فقرأت عليه: ﴿الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ﴾ حتى أتيت على آخرها، فقال رسول الله ﷺ: " هي هذه السورة، وهي السبع المثاني والقرآن العظيم الذي أعطيت ".
فأبو سعيد هذا ليس بأبي سعيد بن المُعَلّى، كما اعتقده ابن الأثير في جامع الأصول ومن تبعه، فإن ابن المعلى صحابي أنصاري، وهذا تابعي من موالي خزاعة، وذاك الحديث متصل صحيح، وهذا ظاهره أنه منقطع، إن لم يكن سمعه أبو سعيد هذا من أبيّ بن كعب، فإن كان قد سمعه منه فهو على شرط مسلم، والله أعلم. (٢) (فضل الفاتحة)
_________
(١) ضعفه الألباني في ضعيف الجامع ح (٣١٩٩)، والإرواء ح (٣٠٢). وقال الحويني: (الحديث متصل ولكنه منكر). انظر ابن كثير بتحقيقه (١/ ٣٧١).
(٢) قال ابن عبدالبر في التمهيد (٢٠/ ٢١٧): (أبو سعيد مولى عامر ... حديثه هذا مرسل).
وقال الحويني (١/ ٣٧٩): (ولو سمعه أبو سعيد مولى عامر من أبي بن كعب لم يكن على شرط مسلم، لأنه لم يخرج هذه الترجمة، إنما روى حديثا واحدا لأبي سعيد هذا عن أبي هريرة. والله أعلم).
1 / 23