العذب النمير من مجالس الشنقيطي في التفسير

Muhammad al-Amin al-Shinqiti d. 1393 AH
68

العذب النمير من مجالس الشنقيطي في التفسير

العذب النمير من مجالس الشنقيطي في التفسير

تحقیق کنندہ

خالد بن عثمان السبت

ناشر

دار عطاءات العلم (الرياض)

ایڈیشن نمبر

الخامسة

اشاعت کا سال

١٤٤١ هـ - ٢٠١٩ م (الأولى لدار ابن حزم)

پبلشر کا مقام

دار ابن حزم (بيروت)

اصناف

وفي هذه الآيةِ سؤالٌ معروفٌ؛ لأن اللَّهَ لَمَّا ذَكَرَ أنهم سَامُوهُمْ سوءَ العذابِ فَسَّرَ قولَه: ﴿يَسُومُونَكُمْ سُوءَ الْعَذَابِ﴾ بالبدلِ بعدَه، وَبَيَّنَ أن من ذلك العذابِ العظيمِ السيئِ: تذبيحَ الأبناءِ، واستحياءَ البناتِ. وفي هذا سؤالٌ، وهو أن يقولَ: تذبيحُ الأبناءِ ظاهرٌ أنه من ذلك العذابِ الذي يَسُومُونَهُمْ، أما استحياءُ البناتِ، وهو قولُه: ﴿وَيَسْتَحْيُونَ نِسَاءَكُمْ﴾ فأين وجهُ كونِ هذا من سوءِ العذابِ، مع أن بقاءَ البعضِ قد يظهرُ للناظرِ أنه أحسنُ من تذبيحِ الكُلِّ؟ كما قال الهُذلي (^١): حَمِدْتُ إِلَهِي بَعْدَ عُرْوَةَ إِذْ نَجَا ... خِرَاشٌ وَبَعْضُ الشَّرِّ أَهْوَنُ مِنْ بَعْضِ الجوابُ عن هذا: أن استحياءَهم للنساءِ استحياءٌ هو من جملةِ العذابِ؛ لأنهم يستحيونهم ليُعَمِّلُوهم في الأعمالِ الشَّاقَّةِ، وليفعلوا بهم ما لا يليقُ من العارِ والشنارِ (^٢)، وبقاءُ البنتِ - وهي عورةٌ - تحتَ يدِ عدوٍّ لا يُشْفِقُ عليها، يفعلُ بها ما لا يليقُ، وَيُكَلِّفُهَا ما لا تُطِيقُ، هذا من سوءِ العذابِ بلا شَكٍّ، وقد قال جل وعلا: ﴿وَلْيَخْشَ الَّذِينَ لَوْ تَرَكُوا مِنْ خَلْفِهِمْ ذُرِّيَّةً ضِعَافًا خَافُوا عَلَيْهِمْ فَلْيَتَّقُوا اللَّهَ وَلْيَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا﴾ [النساء: آية ٩] والعربُ كانوا ربما قَتَلُوا بناتِهم شفقةً وخوفًا عليهم مما يلاقونه مما لا يليقُ بعدَ موتِ الآباءِ، وهو كثيرٌ في شِعْرِهِمْ، وقد قال رجلٌ منهم في ابنةٍ له تُسَمَّى مودَّة (^٣): مَوَدَّةُ تَهْوَى عُمْرَ شَيْخٍ يَسُرُّهُ ... لَهَا الْمَوْتُ قَبْلَ اللَّيْلِ لَوْ أَنَّهَا تَدْرِي

(^١) البيت لأبي خراش الهذلي، انظر: الخزانة (٢/ ٤٥٨). (^٢) انظر: ابن عطية (١/ ٢١٢)، البحر المحيط (١/ ١٩٤)، دفع إيهام الاضطراب ص٢١. (^٣) انظر: أضواء البيان (٣/ ٢٨٦)، دفع إيهام الاضطراب ص٢٢.

1 / 72