287

العذب النمير من مجالس الشنقيطي في التفسير

العذب النمير من مجالس الشنقيطي في التفسير

ایڈیٹر

خالد بن عثمان السبت

ناشر

دار عطاءات العلم (الرياض)

ایڈیشن

الخامسة

اشاعت کا سال

١٤٤١ هـ - ٢٠١٩ م (الأولى لدار ابن حزم)

پبلشر کا مقام

دار ابن حزم (بيروت)

اصناف

(جل وعلا)، كما سيأتي في قولِه: ﴿وَإِن مِّن شَيْءٍ إِلَاّ عِنْدَنَا خَزَائِنُهُ وَمَا نُنَزِّلُهُ إِلَاّ بِقَدَرٍ مَّعْلُومٍ﴾ [الحجر: آية ٢١] لا أقولُ لكم: إِنَّ بِيَدِي الأرزاقُ والآياتُ، وما اقترحتُم من كُلِّ شيءٍ، وخزائنُ الأمورِ ليست بِيَدِي، وإنما هي بيدِ اللَّهِ، وإنما أنا عبدٌ أُرْسِلْتُ إليكم [لأُبَشِّرَ] مَنْ أَطَاعَنِي بالجنةِ، [وَأُنْذِرَ] مَنْ عَصَانِي بالنارِ (^١)، وأبلغُكم رسالاتِ رَبِّي، وأوضحُ لكم طريقَ الخيرِ والشرِّ، وأقيمُ لكم المعجزاتِ الواضحاتِ التي لا تَتْرُكُ لِمُنْصِفٍ في صِدْقٍ شَيْئًا؛ وَلِذَا قال: ﴿قُل لَاّ أَقُولُ لَكُمْ عِنْدِي خَزَائِنُ اللَّهِ وَلَا أَعْلَمُ الْغَيْبَ﴾ الجمهورُ مِنَ العلماءِ على أن هذا معطوفٌ على ما قَبْلَهُ (^٢)، وأنه من جملةِ مَا أُمِرَ أن يقولَه. وتقريرُ المعنى: قُلْ لهم أيضًا: لا أَعْلَمُ الغيبَ. كما قال اللَّهُ له: ﴿قُل لَاّ أَمْلِكُ لِنَفْسِي نَفْعًا وَلَا ضَرًّا إِلَاّ مَا شَاءَ اللَّهُ وَلَوْ كُنْتُ أَعْلَمُ الْغَيْبَ لَاسْتَكْثَرْتُ مِنَ الْخَيْرِ وَمَا مَسَّنِيَ السُّوءُ﴾ [الأعراف: آية ١٨٨] ﴿وَلَا أَقُولُ لَكُمْ إِنِّي مَلَكٌ﴾ بل أقولُ لكم: إني رجلٌ ابنُ رجلٍ وابنُ امرأةٍ، أذهبُ إلى السوقِ، وأشتري منه حَاجَتِي.
لأنهم قالوا: ﴿مَالِ هَذَا الرَّسُولِ يَأْكُلُ الطَّعَامَ وَيَمْشِي فِي الْأَسْوَاقِ﴾ [الفرقان: آية ٧] كيف يُرْسِلُ اللَّهُ مَنْ يَأْكُلُ ويشربُ، ويروحُ إلى السوقِ؟ وَاللَّهُ يقولُ: ﴿وَمَا أَرْسَلْنَا قَبْلَكَ مِنَ الْمُرْسَلِينَ إِلَاّ إِنَّهُمْ لَيَأْكُلُونَ الطَّعَامَ وَيَمْشُونَ فِي الْأَسْوَاقِ﴾ [الفرقان: آية ٢٠] ﴿وَمَا جَعَلْنَاهُمْ جَسَدًا لَاّ يَأْكُلُونَ الطَّعَامَ وَمَا كَانُوا خَالِدِينَ﴾ [الأنبياء: آية ٨] هذه سنةُ اللَّهِ في رُسُلِهِ.

(^١) في الأصل: «لأنذر من أطاعني بالجنة، وأبشر من عصاني بالنار» وهو سبق لسان.
(^٢) انظر: البحر المحيط (٤/ ١٣٤)، الدر المصون (٤/ ٦٣٨).

1 / 291