282

العذب النمير من مجالس الشنقيطي في التفسير

العذب النمير من مجالس الشنقيطي في التفسير

ایڈیٹر

خالد بن عثمان السبت

ناشر

دار عطاءات العلم (الرياض)

ایڈیشن

الخامسة

اشاعت کا سال

١٤٤١ هـ - ٢٠١٩ م (الأولى لدار ابن حزم)

پبلشر کا مقام

دار ابن حزم (بيروت)

اصناف

هذا هو القِسْمُ الثاني الذي فيه الإنذارُ ﴿وَالَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا﴾ أي: جحدوا آياتِ هذا القرآنِ العظيمِ، وزعموا أنه أساطيرُ الأَوَّلِينَ، أو أنه سحرٌ أو شعرٌ أو من كهانةِ الكهانِ. الذين كفروا هذا الكفرَ، وهم أظلمُ الناسِ كما تَقَدَّمَ في قولِه: ﴿وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا أَوْ كَذَّبَ بِآيَاتِهِ﴾ [الأنعام: آية ٢١].
﴿أُولَئِكَ﴾ هؤلاء الذين هذه صفتُهم ﴿يَمَسُّهُمُ الْعَذَابُ﴾ والمسيسُ معناه: وقوعُ الشيءِ على الشيءِ مباشرةً من غيرِ أن يَحُولَ بَيْنَهُمَا حائلٌ. وَعبَّرَ بالمسيسِ ليبينَ أن حَرَّ ذلك العذابِ وَأَلَمَهُ يباشرهم مباشرةً عظيمةً شديدةً من غيرِ حائلٍ، كما يَأْتِي في قولِه: ﴿تَطَّلِعُ عَلَى الْأَفْئِدَةِ﴾ [الهمزة: آية ٧] لأنها تُبَاشِرُ الأجسامَ، وتغوصُ فيها حتى تحرقَ سويداءَ القلبِ، وداخلَ جسمِ الإنسانِ؛ ولذا قال: ﴿يَمَسُّهُمُ الْعَذَابُ﴾ [الأنعام: آية ٤٩] أي: عذابُ اللَّهِ، وعذابُ اللَّهِ (جل وعلا) لا يماثلُه عذابٌ ﴿فَيَوْمَئِذٍ لا يُعَذِّبُ عَذَابَهُ أَحَدٌ (٢٥) وَلَا يُوثِقُ وَثَاقَهُ أَحَدٌ (٢٦)﴾ [الفجر: الآيتان ٢٥ - ٢٦].
وقوله: ﴿بِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ﴾ (الباء) سببيةٌ، و(ما) مصدريةٌ. والمعنى: يَمَسُّهُمُ العذابُ بسببِ كونِهم كانوا فَاسِقِينَ في دارِ الدنيا.
و(الفسقُ) في لغةِ العربِ: الخروجُ. وهو في اصطلاحِ الشرعِ: الخروجُ عن طاعةِ اللَّهِ (^١).والعربُ كُلُّ ما خرجَ إنسان عن شيء سَمَّتْهُ (فاسقًا). ومنه قولُ رؤبةَ بنِ العجاجِ (^٢):
يَهْوَيْنَ فِي نَجْدٍ وَغَوْرًا غَائِرَا ... فَوَاسِقًا عَنْ قَصْدِهَا جَوائِرَا

(^١) مضى عند تفسير الآية (٥٩) من سورة البقرة.
(^٢) السابق.

1 / 286