189

العذب النمير من مجالس الشنقيطي في التفسير

العذب النمير من مجالس الشنقيطي في التفسير

تحقیق کنندہ

خالد بن عثمان السبت

ناشر

دار عطاءات العلم (الرياض)

ایڈیشن نمبر

الخامسة

اشاعت کا سال

١٤٤١ هـ - ٢٠١٩ م (الأولى لدار ابن حزم)

پبلشر کا مقام

دار ابن حزم (بيروت)

اصناف

قال لِنَبِيِّهِ: ﴿إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ﴾ [القصص: آية ٥٦] وقال له في آيةٍ أُخْرَى: ﴿وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ﴾ [الشورى: آية ٥٢] فيقعُ فيه لطالبِ العلمِ أن يقولَ: كيف قال له: ﴿إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ﴾ [القصص: آية ٥٦] وقال له: ﴿وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ﴾ [الشورى: آية ٥٢]؟ والجوابُ عن الآيتين: هو ما بَيَّنَّا الآنَ أن للهدى إِطْلَاقًا عَامًّا، وإطلاقًا خَاصًّا، فالهدى المثبتُ له في قوله: ﴿وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ﴾ [الشورى: آية ٥٢] هو الْهُدَى العامُّ، وهو بيانُ الطريق وإيضاحُها. وقد بَيَّنَ ﷺ الطريقَ حتى تَرَكَهَا مَحَجَّةً بيضاءَ، ليلُها كنهارِها، لا يزيغُ عنها إلا هَالِكٌ. أما الْهُدَى المنفيُّ عنه في قوله: ﴿إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ﴾ [القصص: آية ٥٦] فهو التفضلُ بالتوفيقِ؛ لأن التوفيقَ بِيَدِ اللَّهِ وحدَه ﴿وَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ فِتْنَتَهُ فَلَنْ تَمْلِكَ لَهُ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا أُولَئِكَ الَّذِينَ لَمْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يُطَهِّرَ قُلُوبَهُمْ لَهُمْ فِي الدُّنْيَا خِزْيٌ﴾ [المائدة: آية ٤١]. وقوله: ﴿إِنْ تَحْرِصْ عَلَى هُدَاهُمْ فَإِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي مَنْ يُضِلُّ﴾ [النحل: آية ٣٧] وفي القراءةِ الأُخْرَى: ﴿فَإِنَّ اللَّهَ لَا يُهدَى مَن يُضِلُّ﴾ (^١) أي: مَنْ يُضِلُّهُ اللَّهُ لا يُهْدَى، لا هاديَ له أبدًا. إذا عرفتُم هذا فقولُه: ﴿وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَجَمَعَهُمْ عَلَى الْهُدَى﴾ [الأنعام: آية ٣٥] يعني به الْهُدَى الخاصَّ والتوفيقَ، أما الْهُدَى العامُّ فقد بيَّن لهم النبيُّ ﷺ، وَهَدَاهُمْ وَأَرْشَدَهُمْ إلى طريقِ الخيرِ.

(^١) وهي قراءة نافع، وابن كثير، وأبي عمرو، وابن عامر، وأبي جعفر، ويعقوب. انظر: المبسوط لابن مهران ص (٢٦٣).

1 / 193