176

العذب النمير من مجالس الشنقيطي في التفسير

العذب النمير من مجالس الشنقيطي في التفسير

تحقیق کنندہ

خالد بن عثمان السبت

ناشر

دار عطاءات العلم (الرياض)

ایڈیشن نمبر

الخامسة

اشاعت کا سال

١٤٤١ هـ - ٢٠١٩ م (الأولى لدار ابن حزم)

پبلشر کا مقام

دار ابن حزم (بيروت)

اصناف

ففعلنا، واليومَ يقولون: مِنَّا نبيٌّ! فَمَنْ لنا بهذه؟ وَاللَّهِ لا نعترفُ بنبوتِه أبدًا (^١)!! ولا شكَّ أن هنالك قومًا من الجهلةِ يسمعونَ كلامَ الرؤساءِ فَيَظُنُّونَ أنه كاذبٌ، ويعتقدون كذبَه. إذا عرفتُم هذا فقولُه: ﴿فَإِنَّهُمْ لَا يُكَذِّبُونَكَ﴾ راجعٌ إلى الذين عَلِمُوا صِدْقَهُ. وكثيرٌ من عقلائِهم عَالِمٌ في قرارةِ نفسِه أن النبيَّ ﷺ نَبِيٌّ، وأنه رسولٌ، وهم يَجْحَدُونَ ذلك ظُلْمًا. وعليه فالمعنَى: ﴿لَا يُكَذِّبُونَكَ﴾ في الحقيقةِ، فيما بينهم وبينَ أنفسهم، ولكن الظالمين يَجْحَدُونَ آياتِ اللَّهِ التي أُنْزِلَتْ عليه، فلم يعترفوا بأنها من اللَّهِ، كما قال له أبو جهلٍ: أنتَ عندنا صادقٌ، ولا نُكَذِّبُكَ، ولكن نُكَذِّبُ هذا الذي جئتَ به (^٢). أما على قراءةِ: ﴿فإنهم لا يُكْذِبُونَك﴾ فـ (أَكْذَبَ) بصيغةِ (الإفعالِ) تفترقُ مع (كذَّب) بمعنيين (^٣): أحدُهما: أن الفرقَ بينَ (كذَّب) و(أَكْذَبَ): أنكَ إذا كَذَّبْتَ إِنْسَانًا، معناه قلتَ له: كَذَبْتَ، وَنَسَبْتَهُ إلى افتراءِ الكذبِ. وإذا قيلَ: أَكْذَبَ إنسانٌ إنسانًا، معناه: أن كلامَه يعتقدُ أنه كَذِبٌ، ولا يُنْسَبُ ذلك الإنسانُ إلى الكذبِ، بل يقولُ: لعله أَخْطَأَ، أو نَسِيَ، أو سَهَا وهو لا يقصدُ الكذبَ أو تَخَيَّلُ له غيرُ الْحَقِّ. فمعنى «أَكْذَبَ» على هذا: أنه لا يتعمدُ الكذبَ، وأنه

(^١) أخرجه ابن جرير (١١/ ٣٣٣)، والواحدي في أسباب النزول ص (٢١٦) عن السدي مرسلا. على أن ذلك كان في يوم بدر. وروى ابن إسحاق نحوه عن الزهري مرسلا. على أن ذلك كان في مكة قبل الهجرة. انظر: السيرة لابن هشام (١/ ٣٢٨ - ٣٢٩)، تفسير ابن كثير (٢/ ١٢٩). (^٢) مضى قريبا. (^٣) انظر: حجة القراءات ص (٢٤٧)، القرطبي (٦/ ٤١٦)، البحر المحيط (٤/ ١١١).

1 / 180