الصلاةِ؛ فإن الصلاةَ يُعِينُهُ اللَّهُ بها وَيُذْهِبُ عنه ذلك الحُزنَ، كما قال: ﴿وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ﴾ [البقرة: آية ٤٥].
وقال له في آخِرِ سورةِ الْحِجْرِ: ﴿وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّكَ يَضِيقُ صَدْرُكَ بِمَا يَقُولُونَ﴾ [الحجر: آية ٩٧] فَرَتَّبَ على ضِيقِ صَدْرِهِ بما يقولون - بالفاءِ - قوله: ﴿فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَكُن مِّنَ السَّاجِدِينَ﴾ [الحجر: آية ٩٨].
عرفنا أن هذا التسبيحَ والصلاةَ والإنابةَ إلى اللَّهِ هو دواءُ ذلك الحزنِ والأَذَى الذي يَنَالُهُ منهم؛ ولذا كان ﷺ كما في حديثِ نعيمِ بنِ عمارٍ كان - إذا حَزَبَهُ أَمْرٌ بَادَرَ إلى الصلاةِ (^١)، صلواتُ اللَّهِ وسلامُه عليه، كما دَلَّ على ذلك قولُه: ﴿وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّكَ يَضِيقُ صَدْرُكَ بِمَا يَقُولُونَ (٩٧) فَسَبِّحْ﴾ [الحجر: الآيتان ٩٧، ٩٨] أي فَدَوَاءُ ذلك هو ما أَمَرَكَ رَبُّكَ به بقولِه: ﴿فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَكُنْ مِنَ السَّاجِدِينَ﴾ وقال هنا: ﴿قَدْ نَعْلَمُ إِنَّهُ لَيَحْزُنُكَ الَّذِي يَقُولُونَ﴾ هذا الذي يقولونَه لكَ نحن نعلمُ أنه يحزنك، أي: يُورِثُكَ الحزنَ لِمَا يَلْقَوْنَكَ به من التكذيبِ، ونسبتِهم إياك إلى السحرِ والشعرِ والكهانةِ والجنونِ هذا يؤذيه ﷺ، فيضيقُ به صدرُه، وَمِنْ أَشَدِّ ما يؤذيه: امتناعُهم من الإيمانِ؛ لأنه صلواتُ الله وسلامُه عليه مجبولٌ على الشفقةِ، وقد وصفَه اللَّهُ بالرأفةِ والرحمةِ بالمؤمنين في قولِه: ﴿لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِّنْ أَنفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ﴾ [التوبة: آية ١٢٨] فمعنَى ﴿عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ﴾ أي يعزُّ عليه وَيَعْظُمُ وَيَكْبُرُ عليه كُلُّ ما يصيبكم منه العنت، وهو المشقةُ والأذى (^٢) ﴿عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ﴾