قَدَر اعتسف، وإن عاهد نكث، وإن حلف حنث؛ تصدأ بمحاورته الأفهام، وتصطرخ منه الدَّولة والأقلام، سيان قام أو قعد، وغاب أو شهد؛ إن كشفته كشفت عن عِلج فَدْم، يُقضى له بكل خِسّةٍ وذمّ، ولم يقف للحرية على ربعٍ ولا رسم، ولا عرَف مكرمة في يقظة ولا حُلم؛ أسوأ الناس صنيعًا، وأشدّهم بالدّناءة ولوعًا، لم يسلك إلى المجد طريقًا، ولا وجد يومًا من الجهل مُفيقًا، أولى الناس بشتمٍ وقذف، وأجدرهم بمجانةٍ وسُخف، يَنطق قبحُ خَلقِه من سوءِ، خُلقه، ويدلّ بركاكة عقله على لؤم أصله؛ إذا اكتنفتْه الحوادث لَوَى عنها شَدقه، وإن لزمه الحقّ لوَاه ومحقه؛ وقد وفّر الله حظّه من الفدامة كما قصّر به في القامة، فهو بكل لسانٍ مهجوّ، ولكلّ حرٍّ عدوّ، وإن عوتِب على الزَّهو والتيه، أقام فيهما على تماديه؛ يَلُوث عمته على دماغ فارغ، وحمق ظاهر سائغ، فهو في أُخرِ حالاته، عند نفسه كما قيل، صورةٌ ممثّلة أو بهيمة مهملة.
1 / 50