رعايتُك لكان رثًّا، ووفَّرت عليّ نعمة الجاه واليد، وقمت لي مقام الركن والسند، فأصبحت لي على الدهر معينًا، ومن أحداث الزمان ملاذًا حصينًا، وما زلت بكل خيرٍ قمينًا، وجدَّدت لي أملًا قد كان أخلق، وأمسكت مني بالرّمق، وتلقّيت دوني نبوة من عاتبك واستزادك، وجفوةَ من تغبّطكَ فكادك؛ في حين عزَّ الشفيق، وخذل الشقيق، وجار الزمان، وتواكل الإخوان؛ فكشف الله بك تلك الغُموم المُطبقة، وسكّن برأيك منّي نفسًا قلقة، فأنا، في قصوري عما أوجبه الله عليّ لك، كما قال الشاعر:
لَو أنَّ عُمري ألف حولٍ وقد ... بُدِّلت الساعة بالدَّهرِ
وَكان لي أَلف لسان لما ... نطقتُ من شكرك بالعُشْرِ
فشكر الله لك ما أتيت، وتولّى جزاءك على ما تحرّيت، وكافأك بأحسن ما نويت، ولا أخلاك من أمل يُناط بك لتُحققه، وظنٍّ يُصرف إليك فتُصدِّقه، وشُكرٍ يوفَرُ عليك فتستحقّه، وصان لك من النعمة راهنها، وبلّغك أقصى ما تؤمِّل منها، وتفضّل عليك بما لا تحتسب فيها؛ وكلّ ما أغفلناه من الدُّعاء لك مّما يرغب المرء
1 / 48