نعم، وأفاد أبو عثمان في رسالته فوائد لا يخفى مكانها على قارئها، وقام فيها مقام الخطيب المِصقَع، والسَّهم النافذ، والنّاصر المدل، والمنتقم المستأصل؛ فهل قال أحد ممن له يدٌ في الفضل، وقدَمٌ في الحكمة، وعرفان بالأمور، وقوله معدود فيما يُقال، وحُكمه مقبول فيما يُثبَت ويُزال: بئس ما صنع وساءَ ما أتى به؟ بل تهادَوْهُ وحفظوه، واستحسنوه وتأدّبوا به، وحذوا على مثاله وإن كانوا وقعوا دونه.
ولم صنّف الناس المناقب والمثالب؟ ولِمَ نشروا أحاديث الكرام واللِّئام؟ وكثيرٌ من الناس - عافاك الله - لا غيبة لهم، أو في غيبتهم أجر، وقد وقع في الخبر عن النبيّ ﷺ: " اذْكُرُوا الفَاسِقَ بما فيهِ كيْ تَحْذَرَهُ النَّاسُ ". وحدّثنا بُرهان الصوفي قال: ذمّ بِشر الحافي بخيلًا ثم قال: إن البخيل لا غيبة له، قيل: وكيف؟ قال:
1 / 44