مداواة النفوس

ابن حزم d. 456 AH
57

مداواة النفوس

الأخلاق والسير في مداواة النفوس

تحقیق کنندہ

بلا

ناشر

دار الآفاق الجديدة

ایڈیشن نمبر

الثانية

اشاعت کا سال

١٣٩٩هـ - ١٩٧٩م

پبلشر کا مقام

بيروت

يتَخَلَّف عَنهُ متخلف من الأرذال وبحيث لَيْسَ تَحْتَهُ منزلَة من الدناءة فليتدارك نَفسه بالبحث عَن عيوبه والاشتغال بذلك عَن الْإِعْجَاب بهَا وَعَن عُيُوب غَيره الَّتِي لَا تضره لَا فِي الدُّنْيَا وَلَا فِي الْآخِرَة وَمَا أَدْرِي لسَمَاع عُيُوب النَّاس خصْلَة إِلَّا الاتعاظ بِمَا يسمع الْمَرْء مِنْهَا فيجتنبها وَيسْعَى فِي إِزَالَة مَا فِيهِ مِنْهَا بحول الله تَعَالَى وقوته وَأما النُّطْق بعيوب النَّاس فعيب كَبِير لَا يسوغ أصلا وَالْوَاجِب اجتنابه إِلَّا فِي نصيحة من يتَوَقَّع عَلَيْهِ الْأَذَى بمداخلة الْمَعِيب أَو على سَبِيل تبكيت المعجب فَقَط فِي وَجهه لَا خلف ظَهره ثمَّ يَقُول للمعجب ارْجع إِلَى نَفسك فَإِذا ميزت عيوبها فقد داويت عجبك وَلَا تمثل بَين نَفسك وَبَين من هُوَ أَكثر عيوبا مِنْهَا فتستسهل الرذائل وَتَكون مُقَلدًا لأهل الشَّرّ وَقد ذمّ تَقْلِيد أهل الْخَيْر فَكيف تَقْلِيد أهل الشَّرّ لَكِن مثل بَين نَفسك وَبَين من هُوَ أفضل مِنْك فَحِينَئِذٍ يتْلف عجبك وتفيق من هَذَا الدَّاء الْقَبِيح الَّذِي يُولد عَلَيْك الاستخفاف بِالنَّاسِ وَفِيهِمْ بِلَا شكّ من هُوَ خير مِنْك فَإِذا استخففت بهم بِغَيْر حق استخفوا بك بِحَق لِأَن الله تَعَالَى يَقُول ﴿وَجَزَاء سَيِّئَة سَيِّئَة مثلهَا﴾ فتولد على نَفسك أَن تكون أَهلا للاستخفاف بك بل على الْحَقِيقَة مَعَ مقت الله ﷿ وطمس مَا فِيك من فَضِيلَة فَإِن أعجبت بعقلك ففكر فِي كل فكرة سوء تحل بخاطرك وَفِي أضاليل الْأَمَانِي الطَّائِفَة بك فَإنَّك تعلم نقص عقلك حِينَئِذٍ وَإِن عجبت بآرائك فتفكر فِي سقطاتك واحفظها وَلَا تنسها وَفِي كل رَأْي قدرته صَوَابا فَخرج بِخِلَاف تقديرك وَأصَاب غَيْرك وأخطأت أَنْت فَإنَّك إِن فعلت ذَلِك فَأَقل أحوالك أَن يوازن سُقُوط رَأْيك

1 / 67