لقد جاء في سفر التثنية : "حين تقترب من مدينة لكي تحاربها استدعها للصلح، فإن أجابتك وفتحت لك؛ فكل الشعب الموجود فيها يكون لك للتسخير ويستعبد لك، وإن لم تسالمك.. بل عملت معك حربا فحاصرها، وإذا دفعها الرب إلهك إلى يدك فاضرب جميع ذكورها بحد السيف، وأما النساء والأطفال والبهائم وكل ما في المدينة كل غنيمتها فتغتنمها لنفسك، وتأكل غنيمة أعدائك التي أعطاك الرب إلهك "(1) .
ويعلق "مولانا محمد علي"، على هذا النص بقوله: "وهكذا حكم سعد وفقا للشريعة الموسوية بقتل ذكور بني قريظة وبسبي نسائهم وأطفالهم وبمصادرة ممتلكاتهم.. ومهما بدت هذه العقوبة قاسية، فقد كانت على درجة الضبط للعقوبة التي كان اليهود ينزلونها- تبعا لتشريع كتابهم- بالمغلوبين من أعدائهم، فأي اعتراض على قسوة هذه العقوبة هو في الواقع انتقاد لا شعوري للشريعة الموسوية، وتسليم بأن شريعة أكثر إنسانية يجب أن تحل محلها، وأيما مقارنة بالشريعة الإسلامية في هذا الصدد خليق بها أن تكشف- في وضوح بالغ- أي قانون رفيق عطوف رحيم قدمه الإسلام إلى الناس"(2).
ثانيا: أن اليهود - لا سيما يهود قريظة - لم يلقوا من المسلمين طيلة السنوات التي تلت المعاهدة إلا كل بر ووفاء، ومعاملة حسنة طيبة، كما شهدوا أنفسهم بذلك، فعندما ذهب حيي بن أخطب - أكبر زعماء اليهود - إلى كعب بن أسد القرظي زعيم قريظة يغريه بنقض العهد مع النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: " ويحك يا حيي !! فدعني وما أنا عليه، فإني لم أر من محمد إلا صدقا ووفاء " (3).. لكنه لم يزل به حتى أقنعه بالخيانة ونقض العهد.
صفحہ 37