وقد انتفع الغزالي بمؤلفاته، وإن حكم بكفره مجازفة وبلا دليل.
ابن سينا
هو الشيخ الرئيس أبو علي الحسين بن عبد الله بن سينا أشهر فلاسفة المسلمين، توفي سنة 428ه وسنه 58 سنة. وكان من أمهر الأطباء وكتابه «القانون» كان العمدة في الطلب في القرون الوسطى عند الشرقيين والغربيين. وقد عني العرب ببسط آرائه الفلسفية، وبشرح ما دون في الأخلاق، وطبائع النفوس.
ولا ريب في أن الغزالي انتفع بمصنفاته، وإن جازاه جزاء سنمار حيث حكم بكفره، مجاراة للعامة، وطاعة للهوى؛
وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون .
ابن مسكويه
ومن الفلاسفة الذين انتفع الغزالي بآرائهم في الأخلاق ابن مسكويه: أبو علي أحمد بن محمد المتوفى سنة 421ه. وهو من فلاسفة المسلمين وله عدة كتب في الأخلاق، أشهرها كتابه المسمى: «تهذيب الأخلاق وتطهير الأعراق»، وهو يقع في 185 صفحة، ويقول في مقدمته: «غرضنا في هذا الكتاب أن نحصل لأنفسنا خلقا تصدر به عنا الأفعال كلها جميلة، وتكون مع ذلك سهلة علينا لا كلفة فيها ولا مشقة، ويكون ذلك بصناعة وترتيب تعليمي، والطريق في ذلك أن نعرف أولا نفوسنا ما هي وأي شيء هي، ولأي شيء أوجدت فينا، وما قواها وملكاتها التي إذا استعملناها على ما ينبغي بلغنا بها هذه الرتبة العلية ... إلخ».
وابن مسكويه هذا ينقل عن الفلسفة اليونانية بطريقة صريحة، لا لف فيها ولا مداراة، فهو من مجددي فلسفة اليونان مع الحرص بقدر ما يمكن على موافقة الشريعة الإسلامية، وكتابه الذي نوهنا عنه له أثر كبير في تكوين الغزالي من الوجهة العقلية، وقد هممت بوضع مقارنة بين كتابه ذاك وبين كتاب الإحياء، ثم رأيت أن هذا باب إذا أطلته طال، واستنفد وقتا أنا محتاج إليه في غيره من الأبواب، فلأكتف ببعض فقرات نقلها الغزالي عن ابن مسكويه نقلا يشبه أن يكون حرفيا، من غير أن ينوه بالكتاب الذي نقل عنه، وما أدري أكان ذلك مقصودا أو غير مقصود، ولكنه على كل حال دليل على تأثر الغزالي بمؤلفات ابن مسكويه، وإلى القارئ البيان: (1)
يقول ابن مسكويه: «ومن انخدع عن هذه الموهبة السرمدية الشريفة بتلك الخساسات التي لا ثبات لها فهو حقيق بالمقت من خالقه عز وجل، خليق بتعجيل العقوبة، وراحة العباد والبلاد منه».
ويقول الغزالي: «من انفك عن هذه الجملة كلها، واتصف بأضدادها، استحق أن يخرج من بين البلاد والعباد». (2)
نامعلوم صفحہ