وأما أخوه فقد ذكر غير واحد أنه طاف البلاد وخدم الصوفية في عنفوان شبابه، وصحب المشايخ، واختار الخلوة والعزلة، حتى انفتح له الكلام على طريقة القوم، وإنه خرج إلى العراق، ومالت إليه القلوب، ودخل بغداد وعقد مجلس الوعظ، فظهر له القبول، وازدحم الناس على حضور مجلسه، وأن صاعد بن فارس دون مجالسه ببغداد فبلغت ثلاثا وثمانين. وذكر ابن خلكان أنه كان صاحب كرامات وإشارات، وإنه كان من الفقهاء غير أنه مال إلى الوعظ فغلب عليه. وينقلون أن قارئا قرأ يوما بين يديه
يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله
1
فقال شرفهم بياء الإضافة إلى نفسه بقوله يا عبادي ثم أنشد:
وهان علي اللوم في جنب حبها
وقول الأعادي إنه لخليع
أصم إذا نوديت باسمي وإنني
إذا قيل لي يا عبدها لسميع
ويرون أنه حكى يوما في مجلس وعظه أن بعض العشاق كان مشغولا بحسن صورة معشوقه، وكان هذا موافقا له، فجاءه يوما بكرة وقال له: انظر إلى وجهي فأنا اليوم أحسن من كل يوم. فقال: وكيف ذلك؟ قال: نظرت إلى المرآة فاستحسنت وجهي، فأردت أن تنظر إلي، فقال: بعد أن نظرت إلى وجهك قبلي لا تصلح لي. وهذه الحكاية تمثل اتجاه خاطره نحو الفناء.
ومن كلامه: «من كان في الله تلفه، كان على الله خلفه.» وكان ينصح أخاه أبا حامد الغزالي بقوله:
نامعلوم صفحہ