وقد ولد الغزالي في آخر عهد طغرل بك، الذي ملك بغداد، وتقرب من الخليفة حتى تزوج الخليفة بنت أخيه. والذي تطلع إلى أن يتزوج من البيت العباسي. وهو أمر لم تجر به العادة. فأرسل سنة 543 يخطب بنت الخليفة، ثم ظفر بزواجها في حديث طويل.
أما ألب أرسلان فكان واسطة عقد الدولة السلجوقية، وفي عهده أسست المدارس النظامية، صاحبة الفضل على الغزالي، وسنعود إليها بعد قليل. وأما محمد بن ملكشاه فهو الذي وضع له الغزالي كتاب التبر المسبوك في نصيحة الملوك.
هذا ما يهمنا من دولة آل سلجوق، وما نريد أن نزيد.
الفصل الثاني
الباطنية
في الوقت الذي كان فيه السلاجقة يبسطون سلطانهم على فارس والعراق والجزيرة إلى آخر ما استولت عليه تلك البيوتات التي أجملنا حالها في الفصل الماضي، كان الفاطميون يسيطرون على المغرب، وعلى مصر، ويهمون ببسط سلطاتهم على أقطار المشرق، بعناية الدعاة.
والذي يعنيني الآن هو إجمال دعوة الباطنية، لأن الغزالي شغل بهم، وكتب في الرد عليهم، وإن لم تصلنا كتبه في هذا الباب، وسترى حين نتكلم عن خطته في التأليف كيف اتهم بالميل إليهم، إذ شرح آراءهم عند نقدها بطريقة تقربها من متناول العقول.
وأحب أن يعرف القارئ أن أكثر ما يحتل رءوس المسلمين من الأفكار والعقائد، ليس إلا أثرا للدعوات المتعددة التي قام بها العباسيون في الشرق، والفاطميون في الغرب، و
كل حزب بما لديهم فرحون .
والواقع أن الدعاة كانوا غاية في المكر والدهاء، فقد عرفوا كيف يملئون تلك الرءوس الجوفاء بالخرافات، والوساوس والأضاليل، وهذه القاهرة لا تزال سماء مسكونة بالمعبودات الصغيرة؛ كسيدنا الحسين، والسيدة زينب، والسيدة فاطمة النبوية، ومن إليهم من الأولياء، فيما زعم الفاطميون ومن لف لفهم من علماء الإسلام!
نامعلوم صفحہ