يرى الغزالي أن الإنسان قد يحب لذاته، لا لفائدة تنال منه في حال أو مآل، بل لمجرد المجانسة، والمناسبة في الطباع الباطنة والأخلاق الخفية، ويدخل في هذا القسم، فيما يرى، الحب للجمال إذا لم يكن للمحب غرض خبيث، فإن الجمال مستملح لذاته، وإن قدر فقد أصل الشهوة. والغزالي يضرب المثل لهذا بالنظر إلى الفواكه، والأنوار، والأزهار والتفاح المشرب بالحمرة، وإلى الماء الجاري والخضرة من غير غرض مذموم إذ تحب لعينها. وهذا الحب كما يقول الغزالي لا يدخل فيه الحب لله، بل هو حب الطبع، وشهوة النفس، وهو مباح لا يوصف بمدح ولا بذم.
الحب للمنافع الدنيوية
وقد يحب الإنسان لينال من ذاته غير ذاته. كما يحب الرجل سلطانا لانتفاعه بماله، أو جاهه، ويحب خواصه لتحسينهم حاله عنده.
والمتوسل إليه - كما يقول الغزالي - إن كان مقصور الفائدة على الدنيا، لم يكن حبه من جملة الحب في الله، وإن لم يكن مقصور الفائدة على الدنيا، ولكنه لا يقصد به إلا الدنيا كحب التلميذ لأستاذه، فهو أيضا خارج عن الحب لله، فإنه إنما يحبه ليحصل منه العلم لنفسه، فمحبوبه العلم.
وينقسم هذا الحب فيما يرى الغزالي إلى مذموم ومباح، فإن كان يقصد به التوصل لأغراض مذمومة كقهر الأقران، وحيازة أموال اليتامى، وظلم الرعية بولاية القضاء أو غيره، كان الحب مذموما. وإن كان يقصد به التوصل إلى مباح فهو مباح.
الحب للمنافع الأخروية
وقد يحب الإنسان، لا لذاته بل لغيره وذلك الغير ليس راجعا إلى حظوظه في الدنيا ، بل يرجع إلى حظوظه في الآخرة، كمن يحب أستاذه لأنه يتوصل به إلى تحصيل العلم وتحسين العمل ومقصوده من العلم والعمل الفوز في الآخرة. وهذا من جملة المحبين في الله. ومثله من أحب زوجته لأنها آلة إلى مقاصد دينية، كالتحصن والولد الصالح.
الحب لمنافع الدنيا والآخرة
ويقول الغزالي: ليس من شرط حب الله أن لا يحب في العاجلة حظا ألبتة. ويقول: إذا اجتمع في قلبه محبتان: محبة الله، ومحبة الدنيا. فاجتمع في شخص واحد المعنيان جميعا حتى صلح لأن يتوسل به إلى الله وإلى الدنيا، فإذا أحبه لصلاحه للأمرين جميعا فهو من المحبين في الله، كمن يحب أستاذه الذي يعلمه الدين، وكيفية مهمات الدنيا بالمواساة في المال.
الدنيا خليقة بالحب
نامعلوم صفحہ