كانت فراسة الصحابي الجليل عبد الله بن سلام صائبة عندما وقف يرجو على بن أبي طالب (ألا يخرج ويخرج الخلافة من المدينة وقال له: إذا خرجت الخلافة منها فلن تعود إليها أبدا (1)، ومن يومها زالت الأهمية السياسية للمدينة المنورة التي كانت مقر الدعوة الإسلامية ومركز الدولة في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم والخلفاء الراشدين، فتحولت إلى مجرد ولاية تابعة لسلطان الأمويين ثم العباسيين، ومع كل ذلك فقد ظلت المدينة ذات مكانة خاصة في نفوس المسلمين في شتى بقاع الأرض الذين يأتون كل عام لأداء فريضة الحج إلى بيت الله الحرام بمكة المكرمة وزيارة مسجد الرسول صلى الله عليه وسلم بالمدينة المنورة (2).
وكان للمدينة من جهة أخرى محاذير سياسية كبيرة يخشاها الخلفاء الأمويون والعباسيون، وهاتان الصفتان هما كفتا الميزان اللتان كانت الحياة السياسية في المدينة تتأرجح بينهما.
صفحہ 28