ولم يكن أهل المدينة بأهل حرب ولم يكن لديهم الدوافع التي تجعلهم يضحون من أجل الأمويين، لذا عندما وصلت طلائع قافلة العباسيين نصب بعض أهل المدينة ثيابا سوداء على دورهم إعلانا عن طاعتهم للعباسيين وطلبا للأمان، وكان العباسيون إذا لقيهم الناس بالسواد أمنوهم وقبلوا منهم البيعة
ولم يجد معظم الأمويين بدا من البقاء في المدينة، فليس لديهم مهرب، ثم كيف يتركون قصورهم وبساتينهم ليعيشوا مشردين يتهددهم القتل في كل مكان، لذا قرر معظمهم البقاء ورفع السواد على البيوت.
ودخل داود بن علي المدينة في ذي الحجة عام 132ه (1) ليطوي في نهاية هذا العام العصر الأموي، وليبدأ عصرا جديدا هو العصر العباسي.
ثانيا: المدينة في عهد العباسيين:
بدأت معالم التغيير بطيئة في حياة المدينة، فانتقال الحكم إلى العباسيين لم يغير من أمورها الكثير أول الأمر، وكان أبرز ما يميز تلك الفترة من أحداث: خروج محمد النفس الزكية على أبي جعفر المنصور العباسي، وقصة ذلك أن آل علي بن أبي طالب (كانوا يرون أنهم أحق بالأمر والحكم من غيرهم، فلم يبايع محمد بن عبد الله بن الحسن النفس الزكية وأخوه إبراهيم وصارا يتحينان الفرص للوثوب على الحكم، وكانا مختبئين عن أنظار العباسيين فلم يستطع العباسيون القبض عليهما رغم حرصهم وحرص ولاتهم الشديد على ذلك، ورغم الأغراء المالي والرقابة التي لا تنام، فقد كانت لهما محبة ومكانة في النفوس فلم يوش بهما أحد. وأخيرا سجن العباسيون أباهما عبد الله ومكث ثلاث سنوات في السجن ثم سجنوا جميع آل الحسن ثم نقلوهم إلى سجن العراق (2).
صفحہ 26