108

أخبار الدولة العباسية

أخبار الدولة العباسية

تحقیق کنندہ

عبد العزيز الدوري، عبد الجبار المطلبي

ناشر

دار الطليعة

پبلشر کا مقام

بيروت

اصناف

وأحكمته التجارب، والأديب من قبل من المرء الأريب. قال: صدقت، فأيّهما أضرّ بالمرء: الحسد أم النكد؟ قال ابن عباس: الحسد داعية النكد ودليلك على ذلك أنّ إبليس حسد آدم فكان حسده نكدا على نفسه فصار لعينا بعد أن كان مكينا. قال: صدقت، فأيّهما أضرّ: الجهل أم قلة العقل؟ قال: لم ير جاهل [١] إلّا من قلّة العقل، وإنّما يدور الجهل على قلّة العقل. قال: فأيّهما أشين بذي الشرف: أجبنه أم بخلة؟ قال: البخل شقاء والجبن بلاء، فالشقاء أدوم ضرورة على البدن من البلاء، بخل غير البخيل، ولم تر بخيلا أنال جزيلا، ولم يبخل من أدّى حقّ الله في ماله. قال: فأيّهما أزين به: شجاعته في الحروب أم سخاؤه في الجدوب [٢]؟ قال: السخاء إذا كان في حقّ الله أجمل والشجاعة في [٥١ أ] سبيل الله أفضل، ولم يسخ من وضع سخاءه في غير موضعه، ولم يشجع من قاتل في غير تقوى ربّه. قال: فأيّهما أشدّ على البدن: الغمّ أم الغضب؟ قال: مخرجهما واحد واللفظ مختلف، فمن نازع من يقوى عليه أظهره فكان غضبا، وإذا نازع من لا يقوى عليه كتمه فكان غمّا. قال: فأيّهما أقبح: الكذب أم النميمة؟ قال: الكذب ذلّ والنميمة لؤم [٣]، فمن كذب فجر، ومن نمّ سحر. قال: فأيّهما أعظم: السرقة أم الخيانة؟ قال: السرقة محاربة والخيانة مواربة، فالسارق لئيم والخائن ذميم. قال: فأيّهما أشين: الإسراف أم الإقتار؟ قال: الإسراف من طينة السخاء غير أنه جاز الحقّ، وماذا بعد الحقّ إلا الضلال، والإقتار من طينة البخل، والبخل أقبحهما. قال: فأيّهما أفضل: الحلم أم العلم؟ قال: الحلم من الكرم وحسن الخلق، والعلم من الدين،

[١] في الأصل: «جاهلا» . [٢] في الأصل: «الجذوب» . [٣] انظر عيون الأخبار ج ٢ ص ٢٦.

1 / 114