فوضعها فِي مَسْجِدي فِي نَاحيَة الْبَيْت فَانْصَرف فَمَكثت تِلْكَ البدرة فِي ذَلِك الْموضع فَلَمَّا مَاتَ أَبُو حنيفَة كَانَ ابْنه حَمَّاد غَائِبا فَقدم بعد مَوته فَحمل البدرة فَأتى بهَا بَاب الْحسن ابْن قَحْطَبَةَ فَاسْتَأْذن فَأذن لَهُ فَدخل فَقَالَ إِنِّي وجدت فِي وَصِيَّة أبي إِذا دفنت فَخذ هَذِه البدرة الَّتِي فِي زَاوِيَة الْبَيْت فأت بهَا الْحسن بن قَحْطَبَةَ فَقل هَذِه وديعتك الَّتِي كَانَت عندنَا فأدخلت البدرة فَنظر إِلَيْهَا الْحسن وَقَالَ لَهُ رحم الله أَبَاك لقد شح على دينه إِذْ سخت بِهِ أنفس اقوام كَثِيرَة
أخبرنَا ابو عبيد الله المرزباني قَالَ ثَنَا مُحَمَّد بن أَحْمد الْكَاتِب قَالَ ثَنَا عَبَّاس الدوري قَالَ حدثونا عَن الْمَنْصُور انه لما بنى مدينته ونزلها وَنزل الْمهْدي فِي الْجَانِب الشَّرْقِي وَبنى مَسْجِد الرصافة أرسل إِلَى أبي حنيفَة فجيء بِهِ فَعرض عَلَيْهِ قَضَاء الرصافة فَأبى فَقَالَ لَهُ إِن لم تفعل ضربتك بالسياط قَالَ أَو تفعل قَالَ نعم فَقعدَ فِي الْقَضَاء يَوْمَيْنِ فَلم يَأْته اُحْدُ فَلَمَّا كَانَ فِي الْيَوْم الثَّالِث أَتَاهُ رجل صفار وَمَعَهُ آخر فَقَالَ الصفار لي على هَذَا دِرْهَمَانِ وَأَرْبَعَة دوانيق بَقِيَّة ثمن تور صفر فَقَالَ أَبُو حنيفَة اتَّقِ الله وَانْظُر فِيمَا يَقُول الصفار قَالَ لَيْسَ لَهُ عَليّ شَيْء فَقَالَ أَبُو حنيفَة للصفار مَا تَقول قَالَ استحلفه لي فَقَالَ ابو حنيفَة للرجل قل وَالله الَّذِي لَا إِلَه إِلَّا هُوَ فَجعل يَقُول فَلَمَّا رَآهُ ابو حنيفَة معزما على ان يحلف قطع عَلَيْهِ وَضرب بِيَدِهِ إِلَى كمه فَحل صرة وَأخرج دِرْهَمَيْنِ ثقيلين فَقَالَ للصفار هَذَانِ الدرهمان عوض من بَاقِي تورك فَنظر الصفار إِلَيْهِمَا وَقَالَ نعم فَأخذ الدرهمين فَلَمَّا كَانَ بعد يَوْمَيْنِ اشْتَكَى ابو حنيفَة فَمَرض سِتَّة أَيَّام ثمَّ مَاتَ
قَالَ ابو الْفضل وَهَذَا قَبره فِي مَقَابِر الخيزران إِذا دخلت من بَاب القطانين يسرة بعد قبرين اَوْ ثَلَاثَة
1 / 72