الطلبة الذين قصدوا أبا عبيدة من شمال إفريقيا لتلقي العلم هم عبدالرحمان بن رستم، وأبو درار إسماعيل بن درار الغدامسي. وعاصم السدراتي، وأبو داود القبلي (¬1) . وقد عرف هؤلاء في كتب السير الإباضية بحملة العلم. ولكن المصادر الإباضية تذكر، غير هؤلاء، ابن مغطير الجناوي الذي رحل إلى البصرة قبل هؤلاء وتتلمذ على أبي عبيدة في فترة مبكرة ورجع إلى الجبل وجلس للإفتاء به قبل رجوع حملة العلم (¬2) . ونحن لا نستبعد، بل نرجح أن يكون هذا الاتصال العلمي بالبصرة قد شمل غير هؤلاء، وفي فترات متلاحقة متتابعة - وأن يكون إلى جانب حملة العلم الخمسة المشهورين الذين ساهموا في تأسيس الإمامة الإباضية في طرابلس وتاهرت - غيرهم من المغمورين الذين شغلهم تلقي العلم وتدريسه والقيام به، عن أمور السياسة والحكم، ولعل أن يكون جناو بن فتى منهم - نستظهر لذلك بإشارته إلى كتب أبي عبيدة التي يدعو عبد القهار للحضور إليهم للإستفادة منها - وإذا تأسس هذا الفرض، فإن هذه الأجوبة وهذه الطبقات من العلماء تنتمي إلى تلك الفترة التاريخية المبكرة -أواخر القرن الثاني، وأوائل القرن الثالث للهجرة - ونستأنس لذلك أيضا بترتيب الشماخي رحمه الله، فقد جعل هؤلاء العلماء ضمن الطبقة الرابعة وهي طبقة الإمام عبد الوهاب بن عبد الرحمن بن رستم (¬3) .
وهذا أشبه بحقائق التاريخ. فإن هذه الفترة قد شهدت إمتداد نفوذ الدولة الإباضية وإتساعه مابين تاهرت إلى سرت مع كل المناطق الداخلية في المنطقة الممتدة بين فزان والشريط الساحلي -وما يوازيها في المغرب الأوسط (¬4) .
صفحہ 6