أيها الناس، قصت الأيام أجنحة رجال كانت بهم في جو الضلال خافقة، وقلمت أظفار أشخاص تواسقوا بها كل محرمة وبائقة، واختطف محجن الحق رقاب أمة عتت عن أمر ربها فدقت، وهدت الذنوب أبنية ذي قوة فانقضت حيطانها وفتت، وأذل الله قوما بغيره عزوا، وعلى أوامره المرعية تعززوا، رماهم الحدثان بسهامه، وضربهم القدر بحسامه، وهبت عليهم النكبا، وترددت فوقهم المصائب من جنوب وصبا، طالوا فقصروا، وجلوا فحقروا، وتكبروا فقهروا، وعصو الله فما نصروا، وظلموا العباد فأوجموا، وجانبوا الحلال فنقموا، أحاطت بهم السيئات، وأنكبتهم المقبحات، فدار عليهم الشتات، ورافقتهم الآفات. باتوا بجرائمهم متدثرين، ولأخلاق المساوئ متزملين، فما حسبوا عقوبة الله ولا في صورة الخيال، حين أركبهم الضلال، على متون الاغترار وصهوات الآمال، فأصبحوا لا ترى إلا مساكنهم، وفي ذلك تبصرة للمبصر، وعبرة للمعتبر. فاتقوا الله عباد الله، وانظروا إلى مصرعهم الذي به وجبوا، وإلى الذي حل بهم من الوبال الذي على أنفسهم به سببوا، فكانوا كباحث بظلفه، ومعين على حتفه، ونذار لكم من أسباب يصيبكم بها ما أصابهم، وينوبكم معها ما نابهم. الله الله احملوا أنفسكم على الجادة العظمى، وتيمموا أوامر الله التي لكم سمى. فأقيموا الصلاة، وآتوا الزكاة، وحجوا وصوموا، واذكروا الله كذكركم آباءكم أو أشد ذكرا، واعلموا أن الإسلام نظيف فتنظفوا له..الخ.
وفي أشهر إقامة الإمام بصنعاء بنى بابنة الحاج حسن العنسي الصنعاني وهي أم أنجاله وزير المواصلات والصحة سيف الإسلام القاسم، وصنوه سيف الإسلام العباس، وصنوه سيف الإسلام المحسن. وأنفذ السيد العلامة الحسين بن إسماعيل الشامي إلى بلاد آنس لضبط بعض الأشرار الذين كان منهم العدوان في الطريق فضبطهم وعاد إلى حضرة الإمام إلى صنعاء. وأرسل السيد العلامة محمد بن يوسف الكبسي في عصابة من الأجناد لضبط بعض الأشرار المتخطفين في الطريق من أهل بلاد الحدا وأطراف بلاد جهران فضبطهم وسار إلى جبل بعدان من اليمن الأسفل. وعين الإمام السيد العلامة علي بن محمد حميد الدين حاكما لقضاء بلاد حجة، والشيخ حزام بن عبد الله الصعر العمراني عاملا على مدينة صنعاء ومعه الفقيه الوجيه عبد الكريم بن محمد الجرافي، وكان تقطيع المدافع الكبار الصقر التي تركها الأتراك بالقصر بأيدي الحدادين بصنعاء لمصلحة رجحها الإمام، وأنفذت بعض الحدود الشرعية على مستحقيها.
وكان في ليلة من ليالي ربيع الثاني قتل الشيخ أحمد ناصر الرماح شيخ مشايخ بني مطر من ناحية بلاد البستان في بيت صهره أحمد بن إسماعيل الثور بحارة المدرسة في صنعاء، ونقل مقتولا ليلا إلى زقاق حول ذلك البيت، واتهم بقتله بعض منافسيه من مشايخ بني مطر، وقيل غيرهم، وسجن صهره المذكور من عقيب الحادثة، ثم أطلق بعد الانقلاب ورجوع الأتراك إلى صنعاء، وفر عن اليمن ولم يعد إليها حتى الآن.
صفحہ 30