كانت دعوته أيام المعتصم العباسي (218- 227ه)(1) بخراسان فاجتمع لبيعته أهل الفضل من المذاهب وانطوى ديوانه على أربعين ألف مقاتل، وله وقعات كثيرة مع آل طاهر كانت له اليد عليهم فيها، وكان يكره سفك الدماء، وهم بالتخلي فحثه أصحابه على مواصلة الجهاد، ومع ذلك فقد تخلى عنهم عندما وصل إلى (مرو) وسمع في ذات ليلة صوت باك فأمر أحد العلماء الذين صحبوه (وهو إبراهيم بن عبد الله العطار) لينظر في أمر الباكي، وقام الأخير بسؤال الحائك عن ما يبكيه فأخبره شاكيا أن أحد جنودهم أخذ عليه (لبدا)(2) ثم أمر الجندي برد ما أخذ على الرجل والذي تحجج بقوله (إنما خرجنا معكم لنكسب وننتفع ونأخذ ما نحتاج إليه) ومع ذلك فقد ألح إبراهيم عليه ورد للباكي حقه، وعندما رجع إلى الإمام أخبره الخبر، فقال الإمام محمد بن القاسم: كيف ننتصر على إحياء الدين بمثل هذا؟ وبلغ ذلك الموقف منه كل مبلغ، ثم قال الإمام: فرقوا الناس عني حتى أرى رأيي.
وكان السبب في رفضه للخروج معهم وفرق الناس من حوله، ورحل إلى الطالقان، وما يزال أصحابه يدعون الناس ويختارون أصلح الجند حتى أتوه مرة أخرى إلى الطالقان ليخرج معهم، وأرسل إليه عبدالله بن طاهر جيوشا عدة لمقاتلته هزم أكثرها، ولكنه في الأخير تمكن من خدعة الإمام وإلحاق الهزيمة بجنده، فاستتر الإمام، وتتبعه ابن طاهر بجيوشه حتى ألقى القبض عليه، وقيده، وأرسله إلى سجن المعتصم الذي بالغ من الانتقاص من حقه، وتمكن الإمام من الفرار من سجن المعتصم سنة (229ه) فتشدد المعتصم في طلبه فاستتر الإمام إلى وفاته.
واختلف في نهايته فقيل: رجع إلى الطالقان، وقيل: إلى واسط، وقيل: اسمه المعتصم، وقيل: إنه توارى إلى أيام المتوكل، ولهذا الاختلاف في عدم معرفة بيان وفاته اعتقد بعض عوام الزيدية جهلا منهم آنذاك إلى أنه حي يرزق، وأنه لم يمت، وأنه يخرج فيملؤها عدلا كما ملئت جورا، كما تذهب إليه الإمامية في المهدي الغائب المنتظر الإمام الثاني عشر من أئمتهم عليهم السلام.
صفحہ 47