هتف حازم: ونسيت الاتفاق؟
رفع حمادة حاجبيه: الاتفاق؟ (ثم خبط بيده على جبهته واستدرك) نعم نعم، سأوصلكم للمحافظة بطبيعة الحال.
قال حازم وهو يضحك: يا بختك يا عم، وسأرجع على المغرب وأمر على الميكانيكي.
رد حمادة وهو يردد ضحكته: ذنبك على جنبك، حذرتك من الفولفو ولم تسمع الكلام (ثم إلى الضيف وهو يسلم عليهما) من صغره وهو متهور ولا يسمع الكلام.
أقبلت الأرملة مصفرة الوجه مخطوفة اللون ووقفت أمام شقيقها الطبيب، قالت له بصوت خفيض: شفت الفضيحة؟ شفت العذاب؟
ربت على كتفها وهو يقول: قدها وقدود، المريض معذور وأنت ست العارفين، سأكون على اتصال بعوض فاطمئني، اليوم أو غدا بعد المغرب سيكون هنا للكشف وتكرار الدواء.
ومد يده إلى جيبه فأخرج في السر مظروفا وضعه في جيب سترتها الشتوية الطويلة، وجاء حازم فأدخل يده في نفس الجيب بخفة وهدوء، واتجه الثلاثة إلى الباب بعد أن عانقوها وشددوا عليها أن تشد حيلها وهي تدعو لهم على عتبة الباب: حظي ومكتوبي والأمر لله، ينجيكم يا إخوتي ولا يحرمني من حنانكم، بالسلامة، بسلامة الله.
أسلم لكم عليه بإذن الله، طبعا طبعا، هو القادر على كل شيء.
7
رجع من حجرتها بعد أن أغلق الباب وراءه بهدوء. كانت الأرملة أيضا قد أغلقت الباب الخارجي وذهبت إلى النافذة لتودعهم وتدعو لهم بالسلامة، وعندما أدارت وجهها إليه طلب منها سجادة الصلاة ليلحق الظهر قبل أن يتوكل على الله. ناولته السجادة وهي تتطلع في وجهه وعينيه دون أن تقول شيئا، وتطلع هو لحظة في عينيها وقرأ فيهما الاتهام الصامت. لا بد أنها قالت لنفسها: ما الفائدة من الكلام وقد رأى بنفسه كل شيء؟ ما الفائدة من الشكوى وهي لغير الله مذلة؟ ولا بد أيضا أنه قال لنفسه: ما جدوى الكلام معها عن ماض لم تشهده لا هي ولا أحد من إخوتها حماهم الله؟ هي تعرف بالطبع أن لها شقيقا بكريا مات صغيرا قبل ولادتها - إذ إنها هي الكبرى - لكنه وحده يعرف كل شيء وربما تحمل بعض المسئولية عما حدث اليوم من شقيقته أو ما قد يحدث منها في غيابه.
نامعلوم صفحہ