قال: «بماذا أغريتها يا سيدي؟ أظنك تعني نفورها من خطيب اليوم. أقسم لك بالسيد المسيح أني لم أؤثر في رأيها ولا غيرت شيئا من عزمه، ولكني رأيتها نافرة منه، ولو استعانتني في التخلص منه فإن ضميري وذمتي لا يساعدانني على ردها.»
فابتدره مرقس قائلا: «وتجرؤ على ادعائك أنك لم تغير عزمها؟ ألم تكن راضية به يوم كنا في طاء النمل، فما الذي جرى الآن؟ ولكنها لن تتزوج إلا به رضيت أم لم ترض.» قال ذلك والغضب باد في عينيه.
فأجابه زكريا بصوت منخفض يرتجف غضبا: «إذا أصررت على ذلك ماتت كمدا.»
قال: «لا. لا تموت كمدا إلا إذا ظللت على إغرائها؛ فإنك تقتلها، دعها وشأنها، دعها لأبيها فإنه ولي أمرها.»
فأدرك زكريا تلميحه فقال: «أنت تعلم يا سيدي أني لا أقدر أن أتخلى عنها عملا بالوصية التي أوصيت بها يوم ولادتها، وقد مضى هذا الزمن ولم تر مني ما ساءك، أما الآن فأنا على يقين أنها تكره هذا الشاب، ولو دققت لحمها ولحمه في وعاء لما امتزجا وأنا إنما أريد الخير لها ولك؛ لأنك إذا أصررت على إكراهها تقتلها أو تكرهها على أمور لا ترضيك.»
فقال: «لا تجسر على شيء؛ فهي ابنتي ولا تخرج عن طاعتي ولم تجر العادة بأن يترك البنات وشأنهن في الزواج يقبلن هذا ويرفضن ذلك. أم هي أعلم مني بما ينفعها ويضرها؟»
فقال زكريا بهدوء ورزانة: «ولكن تعلم أيضا أن لدميانة مع أبيها شأنا يختلف عن شئون سائر البنات مع آبائهن.»
فوقع هذا القول على مرقس كالصاعقة رغم أن زكريا خفض من صوته ورغم تلطفه في التعبير وقال: «لا أعرف لها شأنا آخر.»
قال: «إذا كنت لا تعرفه أنت فأنا أعرفه.»
فوقف عند ذلك مرقس كأنه يهم بالخروج، وقال: «لا يهمني ما تعرفه ولكنني أنصح لك أن تخلي بيني وبين ابنتي ولا تغريها بمعصيتي.»
نامعلوم صفحہ