فظنها تداعبه فقال: «لا أعني صليب المسيح وإنما أعني هذا الصليب فإنه نال مقاما يتحسر عليه كثيرون.» وتنهد وأبرقت عيناه ووقف ينتظر جوابها.
أما هي فتوردت وجنتاها وشق عليها ما يجول في ذهنه، فأرادت أن تغير الموضوع فقالت: «حقا لم أشاهد احتفالا مثل هذا.» ووجهت نظرها إلى تلك المضارب.
فلم يشعر بما ينطوي عليه نقل الحديث من الاحتقار، وسر؛ لأنها فتحت بابا للكلام فقال: «إنه احتفال باهر؛ ولذلك أحببت أن تحضريه فجئت في خدمتك بدهبية صاحب الخراج، وسننزل بعد قليل في فسطاط نصبوه لنا خاصة أمام تلك الجميزة الكبيرة.» وأشار بيده إلى شجرة كبيرة، أمامها سرادق ثمين نصب ببابه علم يشبه العلم المنصوب على السفينة.
فعلمت دميانة أنه سرادق المارداني، وشق عليها النزول به مع إسطفانوس وهي تكره رفقته وتعلم فوق ذلك أنها ستلاقي هناك ما تكرهه من موائد المدام وأبارح الراح، فقالت - وقد بدا في وجهها الاشمئزاز: «لا ... اسمح لي ألا أذهب.»
فقال معاتبا: «لا تخافي يا دميانة لست بنازلة فيه وحدك؛ فإن أباك ذاهب معنا.»
فرفعت كتفيها وهزت رأسها - إشارة الرفض - ولم تتكلم.
فلم يكتف الشاب بذلك فقال: «وإن كنت في ريب مما أقول فصديق والدك آت الآن، ويقول لك ما قلت.»
فتراجعت والتفتت لفتة من سمع صوت قادم، فرأت العم زكريا آتيا نحوها، وهو يهم بأن يكلمها، فتوجهت إليه بكليتها، فقال لها: «ألا تزالين عازمة على زيارة هذه الكنيسة يا مولاتي؟» وأشار إلى كنيسة شبرا التي يختلفون بإخراج التابوت منها كل عام.
ففهمت أنه ينتحل وسيلة لتخليصها من إسطفانوس، فقالت: «كثيرا ما اشتهيت زيارتها والتبرك بها، ولا سيما في مثل هذا الاحتفال.»
فقال: «إن السفينة لا تلبث أن ترسو عند الشاطئ، وقد استأذنت أباك في الأمر.»
نامعلوم صفحہ