احمد عرابی زعیم مفتری علیہ

محمود الخفيف d. 1380 AH
106

احمد عرابی زعیم مفتری علیہ

أحمد عرابي الزعيم المفترى عليه

اصناف

القاهرة في 26 مايو سنة 1882

إن جنابكم العالي قد بلغنا عند وصول الدوننمتين: الإنجليزية، والفرنسية بأنكم حررتم إلى الآستانة بطلب التعليمات، ولما كنا منتظرين ورود خطاب من الباب العالي وإذا بقنصلي فرنسا وبريطانيا الكبرى قدما لحضرة رئيس مجلس نظاركم لائحتهما بتاريخ 25 مايو، وبناء على أوامر جنابكم العالي اجتمعنا والتأم مجلسنا وقرر هذا الخطاب المرفق مع هذا، وعندما توجهنا إلى جنابكم العالي لاستشارتكم أخبرتموننا بأنكم قبلتم لائحة وكيلي فرنسا وبريطانيا العظمى، وهذا القبول مباين لما أجمع عليه رأي كل النظار إجماعا كليا، فإن قبول تدخل الدول الأجنبية في هذه القضية يمس بحقوق الحضرة السلطانية، وبناء على ذلك نتشرف بأن نقدم لجنابكم استعفاءنا جميعا ...»

ولم يتردد الخديو، وكان وراءه مالت في قبول استقالة الوزارة قائلا إنه يقبلها لأن هذه هي إرادة الأمة، وفيما عدا ذلك فإنها أمور بينه وبين السلطان الذي يحترم حقوقه دائما. وتنفس الخديو الصعداء، ظانا أن الأمر انتهى إلى غايته، ولم يعلم أن صنيعه هذا كان معجلا بالكارثة، بل لقد كان هذا الصنيع في ذاته هو الكارثة، فلولا ما كان من ركونه على هذه الصورة إلى الأجانب، ما أقدمت إنجلترا على تنفيذ ما بيتته طويلا من غدر بالبلاد ...

ومع ذلك فإن كارثة الاحتلال لا زالت على ألسنة بعض المصريين تنسب إلى عرابي، ذلك الرجل الذي تلفتت القلوب إليه وقد اشتدت الأزمة وأزفت الآزفة تأمل على يديه النجاة من الخطر المحدق ...

إن القضية كلها يمكن تلخيصها وقد قرب دوي العاصفة في كلمة قصيرة، هي أن خلافا داخليا وقع في مصر بين الخديو المتمسك بالحكم المطلق وبين زعماء الشعب المتمسكين بالحكم الدستوري، فانتهز الإنجليز هذه الفرصة لتحقيق نياتهم المبيتة من قبل هذا الخلاف، ولم يشأ الخديو أن يتنازل عن مبدأ الاستبداد، فركن إلى الأجانب ليتخلص من الوطنيين، وعمل هؤلاء الثعالب على زيادة الخلاف وعلى رأسهم مالت كبير شياطينهم، حتى كانت المذكرة المشتركة الثانية وهي الضربة التي تصيب الحركة القومية في مقتل، فلم يجد عرابي وأعوانه بدا من دفع هذا العدوان الفاجر عن البلاد أنفة وحفاظا ولو ذهبت أرواحهم في سبيل ذلك ...

فليت شعري كيف كان ينتظر منهم أن يفعلوا غير ذلك في موقف كهذا الموقف؟ ألا فليحترموا عقولهم أولئك الذين يردون سبب الاحتلال إلى عرابي، إن كانوا يرجون لأنفسهم ولوطنهم وقارا ...

عرابي ملاذ البلاد

كان لقبول استقالة البارودي أسوأ وقع في البلاد جميعا، وأحس الناس فيها نذر الخوف وبوادر العاصفة، وقر في نفس كل وطني أن الخديو اليوم في قبضة الأجانب وبخاصة الإنجليز، وأن مالت هو الذي يحركه ويوحي إليه ما يريد ...

ولم يعد خافيا على أقل الناس دراية مغزى قبول الخديو المذكرة الثانية، ومغزى قبول استقالة الوزارة.

وأظهر توفيق صرامة لم يألفها الناس منه، فأصر على قبول استقالة الوزارة على الرغم من إحجام شريف ومصطفى فهمي وغيرهما عن تأليف وزارة جديدة ...

نامعلوم صفحہ