احمد عرابی زعیم مفتری علیہ
أحمد عرابي الزعيم المفترى عليه
اصناف
يقول روثستين في كتابه «المسألة المصرية»:
2 «وكان السخط على الخديو آخذا في الازدياد، ولولا الخوف من انتقام الدولتين لخلع توفيق، ولكن كثيرا من النواب قد عارض في ذلك الأمر، وانقسم المجلس على نفسه، فانحاز رئيسه سلطان باشا إلى جانب العدو دفعة واحدة، وأخذ يعمل على إسقاط الوزارة، ورأى غيره من الأعضاء أن يسعوا مرة أخرى للتوفيق بين الطرفين وتخفيف الأزمة بشيء من التساهل. وبينما هم كذلك إذا بالأسطول الفرنسي قد وصل في 15 مايو، وإذا باللورد جرانفل قد بعث في اليوم نفسه إلى السير إدوارد مالت برقية مضمونها أنه فضلا عن المظاهرة البحرية فإنا نحفظ لأنفسنا الحرية في أن نستخدم من الوسائل ما نراه ضروريا لإقرار النظام والمحافظة على سلطة الخديو. وقد قرر عرابي ورفاقه أن يعملوا بمشورة القائلين بالسعي مرة أخرى للتوفيق بين الطرفين؛ فذهبوا بأجمعهم إلى الخديو وعرضوا عليه خضوعهم التام، وذهبوا كذلك إلى مالت وأكدوا له أنهم سيبذلون غاية جهدهم في حفظ السكينة العامة. يا أسفا عليهم! لقد ظهروا في مظهر مؤلم للنفس وقد يكون غير مشرف لهم، ثم هم لم يجنوا من ورائه شيئا على الإطلاق ...»
على أن موقف الوزارة لم يخل على أية حال من فائدة، فقد أراد الوزراء بما فعلوا أن يبطلوا حجة القائلين بوجوب التدخل لتفاقم الخلاف بين الخديو ووزرائه، وهم إن لم ينجحوا وأصر الخديو على انحيازه إلى أعداء البلاد، أظهروه بمظهر المتجني الذي لا يريد أن يغفر لهم حتى في مثل هذا الموقف، ما زعم أنه كان من دواعي الخلاف، وهذا أسلوب سياسي جدير بكل إعجاب ...
ولا يصح أن يقول قائل إنه كان أولى بالوزارة ألا تغضب الخديو من أول الأمر. لا يصح أن يقال ذلك بعد الذي بيناه من مكر السياسة الإنجليزية، فالنية مبيتة من قبل على التهام مصر، ونعود فنكرر ما قلناه إنه لو لم يوجد عرابي لعمل الإنجليز على خلقه ...
وكأن الذين ينكرون على الوزارة إغضابها الخديو من أول الأمر يريدون أن يقولوا إنه كان على الوزارة أن ترضى بالحكم المطلق ووأد الدستور، وتسلط الشراكسة، وإذلال مصر بالقضاء على حركتها القومية الناشئة حتى لا يغضب الخديو، أعني أنه إذا خير الوطنيون بين التمسك بالدستور وإغضاب الخديو، وبين وأد الدستور وإرضاء الخديو، كان عليهم أن يقبلوا الوضع الثاني وإلا كانوا طائشين مفسدين في الأرض. وهذا كلام لا يستحق أن يوضع موضع المناقشة ...
لقد سلكت الوزارة المسلك الوطني الذي يتفق وهذه الحركة الوطنية الدستورية التي بدأت في مصر منذ عهد إسماعيل، فكانت حركة طبيعية اقتضاها تطور الأحوال، وعملت على وجودها عوامل كالتي عملت في كافة الأمم التي سبقت مصر إلى الدستور والحرية، ولقد بينا اتجاه الوزارة، وقدمنا الأدلة على صدق وطنيتها وعلى ما كانت تتوخاه من ضروب الإصلاح ...
وما كان التجاؤها إلى الخديو تنازلا منها عن مبادئها، فهذا ما لا يتصوره عقل وإلا كانت الحركة من بدايتها إلى نهايتها لعب لاعب، وإنما أرادت الوزارة الوئام والصفاء وإزالة ما تركه حادث المؤامرة الشركسية في نفس الخديو من غضب، فهو نوع من الاعتذار والتودد تقتضيه مصلحة الوطن اتقاء لخطر محدق بالبلاد ... أما الدستور وسلطة الأمة وما يتصل بها من مبادئ الحرية والقومية فدون التنازل عنها، بل دون التساهل فيها بذل الرقاب.
وكان توفيق خليقا ألا يميل إلى المعتدين من غير دينه، ولقد كان لهذا الاعتبار الديني شأنه العظيم في النفوس يومئذ، وكان كذلك خليقا أن يدرك أن عدوانهم على مصر هو في ذاته عدوان على السلطان صاحب الحق الشرعي وصاحب الولاية عليه ...
ولكن توفيقا لم يعد يبالي بالسلطان؛ فلقد اطمأن إلى قوة الدولتين وبخاصة إنجلترا، وكان إلى جانبه مالت يوحي إليه ما يشاء ويزين له ما يريد ويقوي عزمه كلما آنس منه تخاذلا عما كان يدفعه إليه، ولا ريب أن موقف الخديو كان يزداد بذلك حرجا أمام البلاد وأمام السلطان مهما سندته الدولتان ...
وأوحى مالت إلى الخديو ألا يثق بما يقول وزراؤه، وما كان توفيق في حاجة إلى هذا الذي يوحي به مالت، فهو يتطلع إلى الساعة التي يلطم الوزراء فيها لطمة تشفي ما بنفسه من غل ...
نامعلوم صفحہ