وكان الضيق قد بلغ بشهريار غايته حين بلغت أذنيه أصوات الطير المستيقظة وهي تستقبل النهار فرحة مرحة، وتتلقى ضوء الشمس مبتهجة به أعظم الابتهاج نشيطة له أشد النشاط، وقد وقعت هذه الأصوات العذبة المختلفة من نفس الملك أحسن وقع، فثاب إلى قلبه المذعور شيء من أمن وإلى نفسه اليائسة شيء من رجاء، وإذا هو يجد حاجة قوية إلى أن يغتدي مع الطير، ويسلم نفسه إلى هذه الطبيعة الحرة المرحة المبتهجة، فيفنى فيها ويصبح جزءا من أجزائها وعنصرا من عناصرها ساعة أو ساعات، وها هو ذا يسعى إلى طنف من أطناف الغرفة، فيشرف منه على هذه الجنة المطيفة بالقصر، والتي لا يبلغ الطرف أرجاءها مهما يمتد ومن أي ناحية يمتد، وإذا هو يفتح صدره للنسيم العذب، وعينه للضوء المشرق، وسمعه للأصوات التي يتغنى بها الفضاء العريض، وإذا هو ينسى نفسه أو يكاد ينساها، لا يكاد يشعر إلا بأنه يخطو خطوات متثاقلة يتبع بعضها بعضا في أناة وبطء، وقد ذهل عما حوله وذهل عنه ما حوله، وهو يهبط درجات السلم رزينا متثاقلا يكاد يترنح ترنح الثمل السكران، وهو يسعى لا يكاد يحس خطاه لأن قدميه لا تمسان الأرض، وإنما تتنقلان على هذا البساط الكثيف الذي نسجته الطبيعة ونسجه معها البستانيون من سندس العشب، وما يزال كذلك يسعى أمامه لا يلوي على شيء حتى يحس في مثل الحلم كأنه ينعطف عن غير إرادة إلى اليمين؛ لأن طريقه كانت تقتضي الانعطاف إلى يمين، فيمضي ويمضي، وهو يحس في نفسه حسرة ضئيلة خفية؛ لأنه لا يستطيع أن يستمتع بما حوله من فنون الزهر والشجر، وقد تعود حين كان يسعى في جنته هذه ألا يتقدم إلا ليتأخر وألا يمضي إلا ليقف، وكانت له وقفات طويلة عند هذه الألوان من الزهر الذي نسق أجمل تنسيق وأروعه، يحدق في هذه الزهرة ويمتحن هذا النجم، وربما تحدث إلى هذا البستاني أو ذاك سائلا حينا وآمرا حينا آخر، ولكنه في هذا اليوم يمضي أمامه لا يلوي على شيء ولا يفكر في شيء ولا يقف عند شيء.
وليس من المحقق أنه كان يرى هؤلاء البستانيين الذين كانوا ينهضون إذا رأوه مقبلا من بعيد، فيحيون وينتظرون أن يلقي إليهم السؤال أو يصدر إليهم الأمر، يبتهجون بذلك في دخائل ضمائرهم ويتمنون به الأماني.
ولكن الملك كان يمر بهم ذاهلا عنهم، أو كان ينظر إليهم نظره إلى التماثيل القائمة التي لم يكن ينتظر أن تسمع منه كلاما أو ترد عليه رجع حديث، وكان هؤلاء البستانيون يسقط في أيديهم إذا مر بهم الملك غافلا عنهم غير مكترث بهم، فيردون أنفسهم إلى التعزي عن هذه الابتسامة التي كانوا ينتظرونها، وعن هذا الأمل الذي كانوا يداعبونه، ويقول بعضهم لبعض: «ما بال مليكنا كئيبا محزونا منذ اليوم؟»
ولكن ملكهم لم يكن كئيبا ولا محزونا، وإنما كان نشوان ثملا قد صرفته الحياة عن الأحياء وصرفته الطبيعة عن الناس والأشياء؛ فهو يمضي أمامهم لا يلوي على شيء، حتى إذا بلغ من جنته مكانا بعينه انحرف إلى شماله فمضى في ممر ضيق ضئيل تحف به من جانبيه أشجار ضخام في الفضاء طوال في السماء، قد تضامت غصونها واختلطت أوراقها حتى انعقد منها سقف كثيف لا ينفذ منه ضوء الشمس إلا ضئيلا هزيلا بعد مشقة شاقة وجهد جهيد، والملك يمضي أمامه في هذا الممر الضيق كأنه النفق، حتى إذا مشى غير قليل انفرجت هذه الشجرات الملتفة المتكاثفة قليلا قليلا، حتى جعلت بينها مكانا رحبا فسيحا قد فرش بالعشب المتكاثف، وقامت في أطرافه نجوم وأزهار لاذت بهذه الأشجار الضخام الطوال كأنما تحتمي بضخامتها وطولها من العاديات. هنالك وقف الملك فأطال الوقوف، وتنفس هذا الهواء العذب الرطب فأطال التنفس، ثم جلس على الأرض متهالكا متثاقلا، ثم أسلم نفسه إلى ما حوله، فلم يشعر بشيء ولم يحس شيئا، ولكنه يفيق من نومه مذعورا أو كالمذعور؛ فقد سمع صوتا حلوا يشبه صوت الماء وهو يتحدر في غديره ذاك بين النرجس والياسمين، لولا أن في هذا الصوت حياة لم يتعود أن يجدها في خرير الغدير، ولولا أن في هذا الصوت تقطعا وتكسرا وتهالكا، لم يتعود أن يجد مثله في تحدر الماء بين النرجس والياسمين، ويفتح الملك عينيه، فيرى فتنة لا تلبث أن تملك عليه سمعه وبصره وقلبه وعقله جميعا.
هذه شهرزاد قائمة منه غير بعيد، تنظر إليه نظرات فيها الحنان والمكر، وهي مغرقة في ضحك هادئ عذب يرتفع له صدرها وينخفض، ويغشي وجهها بغشاء من الجمال الرائع ليس إلى تصويره من سبيل، وهذا الملك ينظر إليها مسحورا مبهورا، وهي تضحك من ذهوله وحيرته، ولكنه ينهض خفيفا ويسعى سريعا، حتى إذا بلغها أو كاد جثا أمامها غاضا بصره إلى الأرض رافعا يديه إلى السماء كأنه المؤمن الذي يتقرب إلى التمثال، وهي تضع يدها على رأسه ضاحكة كأنها تبارك عليه، ولكنها لا تلبث أن تستحيل إلى حنان خالص، وإذا هي تميل إليه مترفقة فتضع على جبهته قبلة حلوة حارة طويلة، ولو أنها تحدثت في تلك اللحظة لأحس شهريار في صوتها تهدج العبرات التي تريد أن تندفع من العيون، ولكنها الإرادة القوية تمسكها فيظهر أثر هذا الصراع في الصوت المحتبس والألفاظ التي لا تبين، ولكنها لم تقل شيئا، وإنما استقام قدها المعتدل وامتدت يدها الرخصة إلى الملك فأنهضته صامتة، واستجاب لها الملك صامتا طيعا، فمضت به خطوات إلى نشز من الأرض قريب يكسوه العشب فأجلسته وجلست إلى جانبه، وأحاطت عنقه بيدها ثم أمالته في رفق حتى وضعت رأسه على كتفها، وظلت تنظر إليه، وظل ينظر إليها وهما مغرقان في صمت عميق، ثم يسمعها شهريار تتحدث إليه في صوت هادئ وادع وهي تقول له: «ألم يأن لنا بعد أن نهبط من السماء وأن ننزل إلى الأرض فنعيش فيها مع الناس؟»
ولكن شهريار لا يجيبها، وإنما تنحدر من عينيه دمعتان هادئتان تمسحهما شهرزاد في رفق، ثم تنعطف إلى الملك فتقبل جبهته مرة أخرى، ثم تقيمه حتى إذا استوى في مجلسه جعلت تمر أصابعها في شعره رفيقة به باسمة له مطيلة النظر إليه صامتة مع ذلك لا تقول شيئا، وكأن هذا العطف الصامت الحار قد بعث الحياة والنشاط في قلب الملك وجسمه وفي عقل الملك وإرادته؛ فهو يرفع رأسه إلى شهرزاد ويسألها في صوت كأنه يأتي من بعيد: «ألا تنبئينني آخر الأمر: من أنت؟ وماذا تريدين؟» قالت وقد استردت نشاطها ومرحها وانحسر عنها العطف والحنان كما ينحسر البحر عن الساحل ساعة الجزر وبدت مداعبة شموسا: «من أنا؟! أنا شهرزاد التي أمتعتك بقصصها أعواما لأنها كانت خائفة منك، والتي تمتعك بحبها الآن لأنها واثقة بك مطمئنة إليك، وماذا أريد؟! أريد أن أرى مولاي الملك راضيا سعيدا ناعم البال رخي العيش مبتسما للحياة كما تبتسم له الحياة.»
ولم يكد شهريار يسمع هذا الصوت الحلو يحمل إليه هذه الألفاظ الساحرة حتى أطرق إلى الأرض غاضا بصره متهالكا، كأنه الطائر القوي، هم أن يرتفع في أجواء السماء فأثقلته قوة قاهرة لم يستطع لها مقاومة، فارتد إلى الأرض وجثم عليها مذعنا مقهورا، وتدنو منه شهرزاد فتمسح على رأسه وتنظر في وجهه وترسل إليه هذه الابتسامة الغامضة، فيتلقاها مشفقا مغيظا في وقت واحد، ثم يظلان على هذا الوضع لحظات، وإذا هو يسألها: «ألا تجلسين!» فتستجيب له كما تستجيب الأمة الخاضعة للسيد المتسلط، فلا يزيده هذا إلا حيرة وغيظا، وهو يعيد سؤاله في صوته الهادئ الذي كأنه يأتي من بعيد: «ألا تنبئينني آخر الأمر من أنت؟! وماذا تريدين؟» فتجيبه هذه المرة في صوت جاد فيه كثير من الرحمة والحنان: «من أنا؟! أنا شهرزاد التي أحبتك قبل أن تعرفك كما لم تحب فتاة رجلا قط، والتي خافتك حين عرفتك خوفا لم يخفه إنسان إنسانا قط، والتي زفت إليك تتحدى الموت وتتحدى السلطان وتتحدى الحب والبغض جميعا، فبلغت من نفسك هذه المنزلة التي تراها أو التي لا تراها، ثم أصبحت الآن وهي لا تفكر إلا فيك ولا تفكر إلا بك ولا تفكر إلا لك. ماذا أريد؟! أريد أن تكون سعيدا موفورا، ولكني لا أعرف كيف أجعلك سعيدا موفورا. من أنا؟! أنا من تحب أن ترى في أي ساعة من ساعات النهار، وفي أي ساعة من ساعات الليل. أنا أمك حين تحتاج إلى حنان الأم، وأنا أختك حين تحتاج إلى مودة الأخت، وأنا ابنتك حين تحتاج إلى بر البنت، وأنا زوجك حين تحتاج إلى عطف الزوج، وأنا خليلتك حين تحتاج إلى مرح الخليلة، أنا كل هذا، وماذا أريد؟! أريد ما تريده الأم لابنها، وما تريده الأخت لأخيها، وما تريده البنت لأبيها، وما تريده الزوج لزوجها الوفي، وما تريده العشيقة لعشيقها المفتون، وقد سألتني فألحفت علي في السؤال، أفتأذن لي في أن أسألك؟» فيرفع الملك إليها بصره كالمنكر لما تقول، ولكنها تتضاحك وتتماجن وتسأله: «كيف أراك في هذا المكان من جنة القصر حين كان ينبغي أن أراك في غرفتك تتهيأ للخروج إلى حيث تستقبل وزراءك وتصرف أمور ملكك، أو أراك قد خرجت مبكرا فأقبلت على شئون الدولة تصرفها حفيا بها مكبا عليها. وكيف أذنت لنفسك في أن تنسل من غرفتك على هذا النحو الذي لم يعتده الملوك، وعلى هذا النحو الذي لم يألفه المحبون؟ فأنت لم تؤذن أحدا من رجال حاشيتك بأنك مقبل على هذا المكان القصي. ولولا أنك مراقب في قصرك كما يراقب أشد الناس عداء للدولة وخطرا عليها، لوجدت مشقة كل المشقة في الاهتداء إلى مكانك هذا، ثم أنت لم تؤذني ولم تؤذن أحدا من وصائفي بسعيك إلى هذا المكان، وقد كنت خليقا أن تذكر أني لا أكاد أنهض من مضجعي وأفرغ من زينتي حتى أسعى إلى غرفتك لتكون أول من يراني ولأكون أول من يراك. أترى إلى ذنوبك يا مولاي! إنها عظيمة جسيمة، وإنك خليق أن تستغفر منها إلى أمتك هذه التي تعفيك من الاعتذار وتستغفرك من تحدثها إليك في هذه اللهجة القاسية التي إن صورت شيئا فإنما تصور الحب والإشفاق والحنان.»
ثم تضمه إليها وهي تقول: «حدثني الآن كيف انتهيت إلى هذا المكان؟! أم تريد أن أحدثك أنا بهذا الحديث؟» قال شهريار: «وإنك لتعلمين كيف انتهيت إلى هذا المكان؟» قالت وقد عادت إلى ابتسامها الغامض وصوتها الغريب: «إنك يا مولاي ملك عظيم، ولكنك على ذلك تمر بأطوار الطفل الصغير، وأي عسر في أن أقص عليك بدء حديثك؟ لقد أيقظتك أمس حين أوشكت الشمس أن تزول، وأنبأتني بأنك قضيت الليل مؤرقا مسهدا، ولقد اجتهدت في أن أسري عنك وأردك إلى ما ينبغي لك من الدعة والرضا، وخيل إلي أني تركتك أمس راضيا محبورا، ولكني استيقظت مبكرة وأسرعت إلى غرفتك، فلما لم أرك فيها ورأيت بابها إلى الطنف مفتوحا، استيقنت أنك قد أرقت من ليلتك هذه أكثر مما أرقت في ليلتك تلك، واستيقنت أنك قد ضقت بغرفتك فخرجت منها مع الصبح وأخذت طريقك إلى مكان عزلتك هذا، فتبعتك حتى ألفيتك مغرقا في هذا النوم الذي أغراه بك الجهد والإعياء. أليس هذا كل حديثك يا مولاي؟! أمحتاجة أنا إلى ذكاء الرجال أو إلى كيد النساء لأعلم علمه ثم لأعيده عليك كما كان؟»
وانتظرت أن يجيبها شهريار، ولكنه لم يحر جوابا، فعادت إليه تسأله متلطفة: أمستخذون نحن من هذه القصة؟ إنها لا تدل على براعة ولا على مهارة ولا على قوة وأيد، وإنما تدل على ضعف وتهالك وانحلال في الأعصاب، ومن أجل ذلك فكرت في أن أطب لك حتى أشفيك من هذه العلة التي لا أعرفها وما أراك تعرفها، ولكني سأبرئك منها على كل حال.» قال مبتسما: «وكيف تبرئينني من داء لا تعرفينه؟» قالت في صوت المرحة المتمردة: «فإني طبيبة لا كالأطباء، أداوي ما أجهل وأداوي ما أعرف، وربما كنت على علاج الداء المجهول أقدر مني على علاج الداء المعروف.» قال وقد اتسع ابتسامه وأوشك أن يكون ضحكا: «وكيف ذاك؟» قالت: «ذاك أني سأقلب نفسك على جميع وجوهها، وسأرسل عليها من نفسي قوة لا تعرفها ولا تقدرها، وسأرد عليك ما فقدت من بأس وأيد. إنك لا تعرفني. ألست تقول لي ذلك في كل وقت؟ قال شهريار حازما: «فهذه علتي.» قالت: «سأبرئك منها.» قال: «ستعرفينني نفسك إذا؟» قالت في كثير من الدل: «سأعرفك منها ما ينبغي أن تعرف لتسترد قوتك ونشاطك؛ ولتعنى برعيتك هذه التي أخذت تهملها منذ حين. على أني لا أدري لماذا تريد أن تعرفني! أضقت بحبي إلى هذا الحد؟»
فنظر إليها حائرا كأنه لم يفهم عنها. قالت في دلال وحدة: «لا تنظر إلي هذه النظرات الحائرة! إنك ملك عظيم تدبر أمور رعية لا تكاد تحصى، وقد بلغت سنك هذه التي لا يبلغها الرجل حتى يكون قد خبر الدهر وانتفع بتجاربه. ألم تعلم بعد أن الحب لا يقتله شيء كما تقتله المعرفة؟ إن كنت زاهدا في حبي ضيقا به، فإني أستطيع أن أشفيك من علتك فأظهرك من نفسي على جميع أثنائها وأحنائها، ويومئذ تنصرف عني وتزهد في، ومن يدري؟! لعلك تلحقني بأولئك النساء اللاتي أرسلتهن إلى العالم الآخر، ولكني أنا لم أزهد في حبك ولم أزهد في الحياة بعد، وإذا فلن أمكنك من الانصراف عني والزهد في، وإذا فستسعى دائما إلى أن تعرفني، وسيخفى دائما عليك مني بعض الشيء، وستحبني ما دمت تجهلني، وستجد من هذه الحرب بين الحب والمعرفة قوة تحبب إليك الحياة وترغبك فيها، ولكن أين نحن الآن من النهار؟ وأين نحن الآن من شئون الملك؟ وأين نحن الآن من شئون أنفسنا؟ ألا تحس ألم الجوع؟ إني لا أكاد أستقر من شدة ما أجد من هذا الألم، ولكن انتظر قليلا.» ثم تضرب إحدى يديها بالأخرى مرة ومرة، وإذا الخدم يسعون وهم يحملون إلى الملك والملكة ما يحتاجان إليه من طعام وشراب، ويهم أن يتكلم ولكنها تسبقه إلى الكلام، فتقول ضاحكة: «أنت أسيري منذ الآن يا مولاي، لن أفارقك حتى تفارقك علتك. إن غرفتك حرام عليك، ستنفق الليل في غرفتي، سأسلمك إلى النوم وديعة محفوظة، وسأستردك من النوم كما يسترد المودع وديعته، وسألزمك حتى تضرع إلي في أن أريحك من نفسي ساعة أو بعض ساعة.» قالت ذلك وانحنت إليه فقبلت بين عينيه والخدم ينظرون وينظمون المائدة، ولكن شهريار لم يقل شيئا، ولو كشف لنا عن نفسه لما عرفنا أكان سعيدا أم كان شقيا، فقد كان أحب شيء إليه أن يكون أسير شهرزاد، ولكنه كان يشفق أن تسلمه شهرزاد إلى النوم وأن تأمر النوم فيحتفظ به حتى يرده إليها وتفوته بذلك أحلام شهرزاد.
نامعلوم صفحہ