خواب میرے والد سے

باراك أوباما d. 1450 AH
44

خواب میرے والد سے

أحلام من أبي: قصة عرق وإرث

اصناف

أطلقت بعض حلقات الدخان في الهواء، وأنا أتذكر تلك السنوات. وقد ساعدتني الماريجوانا والخمور، وقليل من الكوكايين من حين لآخر عندما أستطيع تحمل تكلفته. لكنني لم أتعاط الهيروين، مع أن ميكي - وأغلب الظن أنه كان الشخص الذي قادني إلى هذا الطريق - كان متلهفا كي أجربه. وقال إنه يستطيع تعاطيه وهو معصوب العينين، لكنه كان يرتجف مثل محرك خرب عندما قال هذا. ربما كانت هذه الرجفة لأنه يشعر بالبرد فحسب، فقد كنا نقف في مجمد لحوم في مؤخرة محل الأطعمة الباردة والمعلبة الذي كان يعمل به، ولا يمكن أن تكون درجة الحرارة أكثر من 20 درجة داخل المحل. لكنه لم يبد أنه يرتجف من البرد. بل بدا وكأنه يتصبب عرقا، ووجهه لامع ومحتقن. وقد أخرج الإبرة والأنبوب الصغير، فنظرت إليه وهو يقف هناك محاطا بشرائح كبيرة من سمك السلامي ولحم البقر المشوي، وعندئذ انبثقت في ذهني فجأة صورة فقاعة هواء لامعة ومستديرة مثل لؤلؤة تتدحرج ببطء بداخل وريدي وتوقف قلبي عن الخفقان ...

مدمن للمخدرات. ومدخن للماريجوانا، هذا ما كنت أتجه إليه: الدور المحتم الأخير الذي يلعبه الشاب الأسود الذي سيصبح رجلا. إلا أن اللجوء إلى نشوة المخدرات لم يكن الهدف منه أن أحاول أن أثبت كم أنتمي إليهم. لم يكن الأمر كذلك آنذاك على أية حال. فقد كنت ألجأ إلى نشوة المخدرات من أجل عكس ذلك تماما؛ إذ كنت أبحث عن شيء يمكنه أن يبعد عن ذهني تلك الأسئلة المتعلقة بهويتي، شيء يمكنه أن يريح قلبي، ويمحو ذاكرتي. واكتشفت أنه لا فارق بين ما إذا كنت تدخن الماريجوانا في شاحنة زميلك الأبيض الجديدة اللامعة، أو في غرفة نوم أحد الإخوة الذي قابلته في صالة الألعاب الرياضية، أو على الشاطئ مع بعض الصبية من هاواي الذين تركوا المدرسة ويقضون معظم أوقاتهم يبحثون عن سبب للشجار. لم يكن أحد يسألك هل والدك مسئول تنفيذي واسع السلطة فاحش الثراء يخون زوجته، أو رجل بدين طرد من عمله، كلما أزعج نفسه وجاء إلى المنزل انهال عليك ضربا. وربما لا يتعدى الأمر كونك شخصا يشعر بالملل أو الوحدة. فالجميع مرحب به في نادي السخط. وإذا لم تنجح نشوة المخدرات في حل المشكلة التي تقض مضجعك، فإنها تساعدك على الأقل على السخرية من حماقة العالم المستمرة، وترى حقيقة النفاق والهراء والحكم الأخلاقية الرخيصة.

هكذا بدا الأمر لي آنذاك. فقد استغرقت بضع سنوات قبل أن أرى كيف بدأت المصائر تتحدد، والاختلافات التي يسببها اللون والمال فيمن ينجو، ومدى عنف أو سهولة الهبوط عندما يسقط المرء في النهاية. وبالطبع في كلتا الحالتين فإنك بحاجة إلى بعض الحظ. وعلى الأرجح هذا ما كان يفتقده بابلو عندما لم تكن معه رخصة القيادة في ذلك اليوم، مما جعل شرطيا يفتش حقيبة سيارته. أو بروس عندما لم يجد طريقه للعودة من رحلات مخدر الهلوسة الكثيرة وانتهى به الحال في مستشفى للأمراض النفسية. أو ديوك الذي لم يستطع الخروج سالما من حادث تحطم سيارته ...

حاولت أن أشرح بعض هذه الأمور لوالدتي ذات مرة؛ أي دور الحظ في الحياة، وكيف تدور عجلة الحظ. كان ذلك في بداية عامي الأخير في المدرسة الثانوية، وكانت هي قد عادت إلى هاواي بعد أن انتهت فترة عملها الميداني، وفي أحد الأيام دخلت إلى غرفتي تريد أن تعرف تفاصيل القبض على بابلو. فقابلتها بابتسامة مطمئنة وربت على يدها وأخبرتها ألا تقلق، فإنني لن أتصرف بحماقة. وغالبا ما كان هذا الأسلوب فعالا؛ إذ كانت إحدى تلك الخدع التي تعلمتها: فالناس تشعر بالرضا ما دمت لطيفا معهم وتبتسم ولا تقوم بأي تصرفات مفاجئة. وفي حالتي كانوا يشعرون بشيء أكثر من الرضا، كانوا يشعرون بالارتياح؛ فقد كانت مفاجأة سعيدة أن يجدوا شابا أسود حسن الخلق لا يبدو غاضبا طوال الوقت.

إلا أن أمي لم يبد عليها الرضا. فجلست أمامي تتفحص عيني ووجهها متجهم كعربة نقل الموتى.

وقالت: «ألا تظن أنك أصبحت غير مهتم قليلا بمستقبلك؟» «ماذا تعنين؟» «إنك تعرف بالضبط ماذا أعني. فقد ألقي القبض على أحد أصدقائك لحيازته مخدرات. وبدأت درجاتك تقل. ولم تبدأ حتى الآن في تقديم طلبات الالتحاق بالجامعة. وكلما حاولت أن أتحدث إليك عن هذا الأمر تصرفت كما لو أنني لست إلا مصدرا للإزعاج الشديد.»

ولم أكن بحاجة إلى الاستماع إلى كل هذا. فلم أكن سأطرد من المدرسة بسبب رسوبي. فبدأت أخبرها أني أفكر ألا أسافر بعيدا للدراسة في الجامعة، وأنني يمكنني البقاء في هاواي والالتحاق ببعض الدورات، والحصول على عمل نصف دوام. ولكنها قاطعتني قبل أن أنتهي. وقالت إنه يمكنني الالتحاق بأية كلية أريد في أي مكان في البلد، فقط إذا بذلت قليلا من الجهد. «أتتذكر هذا الشيء؟ الجهد؟ اللعنة يا باري لا يمكنك قضاء الوقت هكذا كسولا بلا هدف مثل شخص مولع باللهو، وتنتظر أن يطرق الحظ بابك؟» «مثل من؟» «مثل شخص مولع باللهو. أي متسكع.»

نظرت إليها وهي تجلس أمامي والجدية التامة ترتسم على ملامحها وهي واثقة من مصير ابنها. فقد ظلت فكرة أن مستقبلي يعتمد على الحظ بدعة في نظرها، وأصرت على إلقاء المسئولية على كاهل أحد، كاهلها أو كاهل جدي أو جدتي أو كاهلي. وفجأة شعرت أنني أهز تلك الثقة، وأتركها تكتشف أن تجربتها معي قد فشلت، وبدلا من الصراخ أخذت أضحك. وأقول: «شخص مولع باللهو؟ حسنا ولم لا؟ ربما يكون هذا ما أريده من الحياة. أعني انظري إلى جدي. إنه حتى لم يلتحق بالجامعة.»

فاجأت هذه المقارنة أمي. فشحب وجهها، ودارت عيناها في محجريهما. وفجأة تجلى أشد مخاوفها أمامي. فسألتها: «هل هذا ما يقلقك؟» وتابعت: «أن ينتهي بي الحال مثل جدي؟»

فهزت رأسها بسرعة. وقالت: «لقد تلقيت بالفعل تعليما أفضل كثيرا من جدك.» ولكن كانت الثقة قد اختفت أخيرا من صوتها. وبدلا من الاستمرار في الحديث، نهضت وغادرت الغرفة. •••

نامعلوم صفحہ