الاحکام السلطانیہ

الماوردي d. 450 AH
93

الاحکام السلطانیہ

الأحكام السلطانية

ناشر

دار الحديث

پبلشر کا مقام

القاهرة

الفصل الثاني: في قتال أهل البغي وَإِذَا بَغَتْ طَائِفَةٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ وَخَالَفُوا رَأْيَ الْجَمَاعَةِ وَانْفَرَدُوا بِمَذْهَبٍ ابْتَدَعُوهُ، فَإِنْ لَمْ يَخْرُجُوا بِهِ عَنِ الْمَظَاهرةِ بِطَاعَةِ الْإِمَامِ، وَلَا تَحَيَّزُوا بِدَارٍ اعْتَزَلُوا فِيهَا، وَكَانُوا أَفْرَادًا مُتَفَرِّقِينَ تَنَالُهُمُ الْقُدْرَةُ وَتَمْتَدُّ إلَيْهِمُ الْيَدُ تُرِكُوا وَلَمْ يُحَارَبُوا، وَأُجْرِيَتْ عَلَيْهِمْ أَحْكَامُ الْعَدْلِ فِيمَا يَجِبُ لَهُمْ وَعَلَيْهِمْ مِنَ الْحُقُوقِ وَالْحُدُودِ، وَقَدْ عَرَضَ قَوْمٌ مِنَ الْخَوَارِجِ لِعَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ -رِضْوَانُ اللَّهِ عَلَيْهِ- لِمُخَالَفَةِ رَأْيِهِ. وَقَالَ أَحَدُهُمْ وَهُوَ يَخْطُبُ عَلَى مِنْبَرِهِ: لَا حُكْمَ إلَّا لِلَّهِ، فَقَالَ عَلِيٌّ ﵁: كَلِمَةُ حَقٍّ أُرِيدَ بِهَا بَاطِلٌ، لَكُمْ عَلَيْنَا ثَلَاثٌ: لَا نَمْنَعُكُمْ مَسَاجِدَ اللَّهِ أَنْ تَذْكُرُوا فِيهَا اسْمَ اللَّهِ، وَلَا نَبْدَؤُكُمْ بِقِتَالٍ، وَلَا نَمْنَعُكُمْ الْفَيْءَ مَا دَامَتْ أَيْدِيكُمْ مَعَنَا، فَإِنْ تَظَاهَرُوا بِاعْتِقَادِهِمْ وَهُمْ عَلَى اخْتِلَاطِهِمْ بِأَهْلِ الْعَدْلِ، أَوْضَحَ لَهُمْ الْإِمَامُ فَسَادَ مَا اعْتَقَدُوا، وَبُطْلَانَ مَا ابْتَدَعُوا؛ لِيَرْجِعُوا عَنْهُ إلَى اعْتِقَادِ الْحَقِّ وَمُوَافَقَةِ الْجَمَاعَةِ، وَجَازَ لِلْإِمَامِ أَنْ يُعَزِّرَ مِنْهُمْ مَنْ تَظَاهَرَ بِالْفَسَادِ أَدَبًا وَزَجْرًا، وَلَمْ يَتَجَاوَزْهُ إلَى قَتْلٍ وَلَا حَدٍّ. رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ ﷺ أَنَّهُ قَالَ: "لَا يَحِلُّ دَمُ امْرِئٍ مُسْلِمٍ إلَّا بِإِحْدَى ثَلَاثٍ: كُفْرٍ بَعْدَ إيمَانٍ، أَوْ زِنًا بَعْدَ إحْصَانٍ، أَوْ قَتْلِ نَفْسٍ بِغَيْرِ نَفْسٍ"١. فَإِذَا اعْتَزَلَتْ هَذِهِ الْفِئَةُ الْبَاغِيَةُ أَهْلَ الْعَدْلِ، وَتَحَيَّزَتْ بِدَارٍ تَمَيَّزَتْ فِيهَا عَنْ مُخَالَطَةِ الْجَمَاعَةِ، فَإِنْ لَمْ تَمْتَنِعْ عَنْ حَقٍّ وَلَمْ تَخْرُجْ عَنْ طَاعَةٍ، لَمْ يُحَارَبُوا مَا أَقَامُوا عَلَى الطَّاعَةِ وَتَأْدِيَةِ الْحُقُوقِ. قَدْ اعْتَزَلَتْ طَائِفَةٌ مِنَ الْخَوَارِجِ عَلِيًّا ﵇ بِالنَّهْرَوَانِ، فَوَلَّى عَلَيْهِمْ عَامِلًا أَقَامُوا عَلَى طَاعَتِهِ زَمَانًا وَهُوَ لَهُمْ مُوَادِعٌ إلَى أَنْ قَتَلُوهُ، فَأَنْفَذَ إلَيْهِمْ أَنْ سَلِّمُوا إلَيَّ قَاتِلَهُ فَأَبَوْا وَقَالُوا: كُلُّنَا قَتَلَهُ، قَالَ: فَاسْتَسْلِمُوا إلَيَّ أَقْتَصُّ مِنْكُمْ، وَسَارَ إلَيْهِمْ فَقَتَلَ أَكْثَرَهُمْ. وَإِنْ امْتَنَعَتْ هَذِهِ الطَّائِفَةُ الْبَاغِيَةُ مِنْ طَاعَةِ الْإِمَامِ وَمَنَعُوا مَا عَلَيْهِمْ مِنَ الْحُقُوقِ، وَتَفَرَّدُوا بِاجْتِبَاءِ الْأَمْوَالِ

١ صحيح: رواه أبو داود في كتاب الحدود "٤٣٦٣"، والنسائي في كتاب تحريم الدم "٤٠٧١"، وصححه الشيخ الألباني.

1 / 100