طلبها غير مكروه، لأنه قد تنازعها أهل الشورى. وبماذا نقطع تنازعهما مع تكافؤ أحوالهما؟ فقياس قول أحمد ﵀: أنه يقرع بينهما فيبايع من قرع منهما، لأنه قال في رواية عبد الله - في مسجد فيه رجلان تداعيا الأذان فيه "يقرع بينهما" واحتج بقول سعد. ولفظ الحديث ما رواه العكبري بإسناده عن ابن شبرمة " أن الناس تشاحوا في الأذان يوم القادسية، فأقرع بينهم سعد" وبإسناده عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قال " لو يعلم الناس ما في النداء والصف الأول ثم لم يجدوا إلا أن يستهموا عليه استهموا". وصفة العقد: أن يقال "بايعناك على بيعة رضى، على إقامة العدل، والإنصاف، والقيام بفروض الإمامة" ولا يحتاج مع ذلك صفقة اليد. ولا يجوز عقد الإمامة لإمامين في بلدين في حالة واحدة.
فإن عقدت لاثنين وجدت فيهما الشرائط نظرت، فإن كانا في عقد واحد فالعقد باطل فيهما، وإن كان العقد لكل واحد منهما على الانفراد نظرت، فإن علم السابق منهما بطل العقد الثاني، وإن جهل منالسابق منهما يخرج علىالروايتين، إحداهما: بطلان العقد فيهما، والثانية: استعمال القرعة، بناء على ما إذا زوج الوليان وجهل السابق منهما، فهو على روايتين، كذلك هاهنا. ويجوز للإمام أن يعهد إلى إمام بعده، ولا يحتاج في ذلك إلى شهادة أهل الحل والعقد وذلك لأن أبا بكر عهد إلى عمر ﵄، وعمر عهد إلى ستة من الصحابة ﵃، ولم يعتبرا في حال العهد شهادة أهل الحل والعقد، ولأن عهده إلى غيره ليس بعقد للإمامة، بدليل أنه لو كان عقدًا لها لأفضى ذلك إلى اجتماع إمامين في عصر واحد، وهذا غير جائز، وإذا لم يكن عقدًا لم يعتبر حضورهم، وكان معتبرًا بعد موت الإمام العاقد. وإذا عهد إلى رجل كان له أن يعزله قبل موته، لما بينا أن إمامة المعهود إليه غير ثابتة مادام العاهد باقيًا إمامًا، وإذا لم تكن ثابتة كان له أن يخرجه من ذلك، كما أن الموصي له أن يخرج الوصي، لأن الوصية غير ثابتة مادام حيًا. ويجوز أن يعهد إلى من ينتسب إليه بأبوة أو بنوة، إذا كان المعهود له على صفات الأئمة، لأن الإمامة لا تنعقد للمعهود إليه بنفس العهد، وإنما تنعقد بعهد المسلمين، والتهمة تنتفى عنه. ويعتبر قبول المعهود إليه، ويكون ذلك بعد موت المولى، لأن إمامته في تلك الحال تنعقد ويعتبر في المعهود إليه شروط الإمامة العهد إليه، واستدامتها إلى ما بعد موت المولي.
1 / 25