وكذلك القول في إمامة الجمعة والأعياد. فإن كانت ولايته خاصة فيه مقصورة النظر على ما تصمنته، كمن جعل له الْقَضَاءَ فِي بَعْضِ مَا قَدَّمْنَاهُ مِنْ الْأَحْكَامِ، أو في الحكم بالإقرار دُونَ الْبَيِّنَةِ، أَوْ فِي الدُّيُونِ دُونَ الْمَنَاكِحِ، أو في مقدار من المال، فيصح التقليد، ولا يجوز أن يتعداه، لأنها ولاية فصحت عمومًا وخصوصًا كالوكالة. وقد نص أحمد على صحتها في قدر المال، فقال، في رواية أحمد بن النضر: في رجل أشهد على ألف درهم، وكان الحاكم لا يحكم إلا في مائة ومائتين، فقال: "لا تشهد إلا ما أشهدت عليه". وكذلك قال، في رواية الحسن بن محمد، في رجل أشهد على ألف، ولا يحكم في البلاد إلا على مائة " لا تشهد إلا بألف". فقد نص على جواز القضاء في قدر من المال. ووجهه: ما ذكرنا.
ومنع من تبعيض الشهادة إذا كانت بقدر يزيد على ما جعل له فيه، بل يشهد بذلك، ويحكم الحاكم من ذلك بما جعل له لأنه إذا شهد بخمسمائة عند هذا القاضي، وشهد بالخمس المائة الأخرى عند قاض آخر، ربما ادعى المقر أن هذه الخمس المائة الثانية هي التي شهد بها أولًا، فتسقط إحداهما على قول من يحمل تكرار الإقرار في مجلسين بألف واحدة، وقد شهد لذلك قوله تعالى (٥: ١٠٨ - ذلك أدنى أن يأتوا بالشهادة على وجهها) . وإذا بعضها فلم يأت بها على وجهها. ويجوز أن يكون القاضي عام النظر في خصوص الْعَمَلِ فَيُقَلَّدُ النَّظَرَ فِي جَمِيعِ الْأَحْكَامِ فِي محلة من البلد، فتنفذ جميع أحكامه في المحلة التي عينت له، وله أن يحكم فيه بين ساكنيه والطارئين إلَيْهِ، لِأَنَّ الطَّارِئَ إلَيْهِ كَالسَّاكِنِ فِيهِ، إلَّا أَنْ يَقْتَصِرَ بِهِ عَلَى النَّظَرِ بَيْنَ سَاكِنِيهِ دون الطارئ إليه فلا يتعداهم. وقد نص أحمد على صحتها في مكان مخصوص، فقال في رواية مهنا في قرية مثل قطر بل والربذة والتغلبية وأشباهها من القرى - يكون فيها القاضي: يجوز فيها قضاؤه. وإن استخلفه قاض آخر، ولم يستخلفه الخليفة، فقد نص أحمد على جواز القضاء في قرية مفردة. والوجه فيه: ما ذكرنا من جواز تخصيصه بقدر من المال. ونص على جواز استخلاف القاضي لقاض آخر، ولم يفرق بين أن يكون الخليفة أذن له في ذلك أو أطلق من غير إذن ولا نهي، لأنه إذا ولاه صار ناظرًا للمسلمين، لا عن من
1 / 68