إلى ذلك كان ما لبسوه وركبوه مُسْتَرْجَعًا مِنْهُمْ فِي الْمَغْنَمِ، إنْ كَانَ بَاقِيًا، وَمُحْتَسَبًا عَلَيْهِمْ مِنْ سَهْمِهِمْ إنْ كَانَ مُسْتَهْلَكًا. وهذا ظاهر كلام أحمد في رواية أبي طالب، في (الصابون) يوجد في بلاد الروم يغسل به الرجل قال " لا"، ليس هو طعام، ولا يغسل به". وقال أيضًا - في رواية إسحاق بن إبراهيم - في الرجل يسقطه سوطه يأخذ قضيبا من الشجر يعمل منه مقرعة، فقال "أرى أن يطرح في المغنم، أو يطرح ثمنها في المغنم". ونقلت من مسائل إسحاق بن إبراهيم - في الرجل يحتاج إلى الدابة من دواب السبي يركبها؟ قال: نعم، ولا يعجفها قيل له: يأخذ السيف، ويلبس الثياب؟ قال: نعم، واحتج بحديث ابن مسعود "أنه أخذ سيف أبي جهل فضربه به". وقد عمل به في ذلك الوقت. وسئل عن الثياب يحتاج إليها، قال "يلبس ثيابهم، فإذا بلغ المغنم طرحها فيه". وظاهر هذا، أنه جعل له الثياب والسلاح. وَلَا يَجُوزُ لِأَحَدٍ مِنْهُمْ أَنْ يَطَأَ جَارِيَةً من السبي إلا أن يعطاها بسهمه، ويطؤها بَعْدَ الِاسْتِبْرَاءِ. فَإِنْ وَطِئَهَا قَبْلَ الْقِسْمَةِ عُزِّرَ، ولم يُحَدُّ، لِأَنَّ لَهُ فِيهَا سَهْمًا، وَوَجَبَ عَلَيْهِ مهرها، يضاف إلَى الْغَنِيمَةِ. فَإِنْ أَحْبَلَهَا لَحِقَ بِهِ وَلَدُهَا، وصارت أم ولد لهم إن ملكها، فإن وَطِئَ مَنْ لَمْ يَدْخُلْ فِي السَّبْيِ حُدَّ، ولم يلحق به ولدها إن علقت. وإذا عقدت هذه الإمارة على غزاة وَاحِدَةٍ لَمْ يَكُنْ لِأَمِيرِهَا أَنْ يَغْزُوَ غَيْرَهَا سَوَاءٌ غَنِمَ فِيهَا أَوْ لَمْ يَغْنَمْ. وَإِذَا عُقِدَتْ عُمُومًا عَامًا بَعْدَ عَامٍ، لَزِمَهُ مُعَاوَدَةُ الغزو في كل وقت يقدر عليه، وَلَا يَفْتُرُ عَنْهُ مَعَ ارْتِفَاعِ الْمَوَانِعِ إلَّا قَدْرَ الِاسْتِرَاحَةِ. وَأَقَلُّ مَا يَجْزِيهِ: أَنْ لَا يعطل عاما من جهاد. ويلزم هذا الأمير: أن ينظر في أحوال المجاهدين، ويقيم الحدود عليهم، وَلَا يَنْظُرُ فِي أَحْكَامِ غَيْرِهِمْ مَا كَانَ سائرا إلى ثغره. فإن اسْتَقَرَّ فِي الثَّغْرِ الَّذِي تَقَلَّدَهُ جَازَ أَنْ ينظر في أحكام جميع أهله من مقاتلة ورعية.
وإن كانت إمارته خاصة أجرى عليه أحكام الخصوص. فأما قتال أهل الردة فإنه واجب بعد إنذارهم ثلاثة أيام، سواء كان المرتد رجلًا أو امرأة. وَلَا يَجُوزُ إقْرَارُ الْمُرْتَدِّ عَلَى رِدَّتِهِ بِجِزْيَةٍ ولا عهد، ولا تؤكل لهم ذبيحة، ولا تنكح منهم امرأة. وَإِذَا قُتِلَ لَمْ يُغَسَّلْ وَلَمْ يُصَلَّ عَلَيْهِ، وَلَا يُدْفَنُ فِي مَقَابِرِ الْمُسْلِمِينَ، لِخُرُوجِهِ بِالرِّدَّةِ عنهم،
1 / 51