السابع: أَنْ لَا يُمَالِئَ مَنْ نَاسَبَهُ، أَوْ وَافَقَ رَأْيَهُ وَمَذْهَبَهُ عَلَى مَنْ بَايَنَهُ فِي نَسَبٍ، أَوْ خَالَفَهُ فِي رَأْيٍ وَمَذْهَبٍ، فَيُظْهِرُ مِنْ أحوال المباينة ما تفترق به الكلمة الجامعة، تشاغلًا بالتقاطع والاختلاف. قد أَغْضَى رَسُولُ اللَّهِ ﷺ عَنْ الْمُنَافِقِينَ، وَهُمْ أَضْدَادٌ فِي الدِّينِ، وَأَجْرَى عَلَيْهِمْ حُكْمَ الظَّاهِرِ، حَتَّى قَوِيَتْ بِهِمْ الشَّوْكَةُ، وكثر بهم العدد، وقد قَالَ اللَّهُ تَعَالَى (٨: ٤٦ - وَلَا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ ريحكم) قيل فيه: المراد بالريح الدولة، قاله أبو عبيد. وقيل: الْمُرَادَ بِهَا الْقُوَّةُ. فَضَرَبَ الرِّيحَ بِهَا مَثَلًا، لأن الريح لها قوة. ومن أحكام هذه الإمارة: تدبير الحرب.
والمشركون في دار الحرب على ضربين: أحدهما: من بلغتهم الدعوة، وقلّ أن يكون اليوم قوم لم تبلغهم الدعوة، إلا أن يكون قوم من وراء الترك والروم في مبادي المشرق وأقاصي المغرب، فيحرم عليه الإقدام على قتالهم غرّة قبل إظهار الدعوة، وإعلامهم معجزات النبوة. وقال اللَّهُ تَعَالَى (١٦: ١٢٥ - اُدْعُ إلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن) يعني: ادع إلى دين ربك بالحكمة، قيل: بالنبوة، وقيل: بالقرآن، وقيل: " والموعظة الحسنة": بالقرآن في لين من القول، وقيل: مَا فِيهِ مِنْ الْأَمْرِ وَالنَّهْيِ " وَجَادِلْهُمْ بِاَلَّتِي هي أحسن": أَيْ يُبَيِّنُ لَهُمْ الْحَقَّ، وَيُوَضِّحُ لَهُمْ الْحُجَّةَ. فَإِنْ بَدَأَ بِقِتَالِهِمْ قَبْلَ دُعَائِهِمْ إلَى الْإِسْلَامِ لم يضمن ديات نفوسهم، وكانت دماؤهم هدرًا. وإذا تكاملت الصفوف في الحرب جاز لم قاتل من المسلمين أن يعلم بما يشتهر به في الصفوف ويتميز به من جميع الجيش، وأن يَرْكَبَ الْأَبْلَقَ. وَإِنْ كَانَتْ خُيُولُ النَّاسِ دُهْمًا أو شقرا وقد قال أحمد في رواية حنبل " والعصائب في الحرب تستحب. لقوله تعالى (مسوّمين) وذلك لما روي عبيد الله بن عون عن عمير بْنُ إِسْحَاقَ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قَالَ يَوْمَ بَدْرٍ: "تَسَوَّمُوا فَإِنَّ الْمَلَائِكَةَ قَدْ تَسَوَّمَتْ".
1 / 41