قال عبد الواحد المراكشى في "المعجب في تلخيص أخبار المغرب: "وكان خطيبه الفقيه الإِمام المحدّث أبو محمد عبد الحق بن عبد الرحمن الأزدي الإِشبيلي، مؤلف كتاب باب الأحكام وغيره من التآليف، فأحنق ذلك عليه أبا يوسف يعقوب أمير المومنين، ورام سفك دمه؛ فعصمه الله منه، وتوفَّاه حتف أنفه، وفوق فراشه (١) ".
وقال الذهبي في ترجمة أبي يوسف المنصور: فما عتم أن خرج عليه عليُّ ابن غانية الملثم، فأخذ بجاية وخطب للناصر العباسي، فكان الخطيب بذلك عبد الحق مصنف "الأحكام" ولولا حضور أجله، لأهلكوا المنصور (٢).
وقال ابن الزبير: "ودُعى بها إلى خطَّتي القضاء والخطابة للموحدين، فامتنع عن ذلك وأبى، ودعى إلى ذلك حين دخلها الميورقي فأجاب، وكان ذلك سبب امتحانه عند خروج الميوروقي عنها، ورجوعها للموحدين، واستُغرب ذلك المرتكب من أبي محمد عبد الحق، وجهات الإعتذار في مثله متسعة (٣) ".
وكان رجوع بجاية للموحدين، في (١٩/ ٢/ ٥٨١) هـ، ووفاة أبي محمد -رحمة الله عليه- في أواخر ربيع الآخر سنة (٥٨١) هـ وقيل سنة (٥٨٢) هـ، والأول أقرب -وهو قول الأكثرين- لدنوه من تاريخ عودة بجاية- للموحدين وتوغر صدورهم عليه، وامتحانهم له، وهذا ما يدل عليه كلام ابن الأبار والذهبي وابن شاكر.
قال الذهبي: وبها توفي بعد محنة لحقته من الدولة في ربيع الآخر،
_________
= سنة (٥٧٩) استشهد في بلاد الفرنج، فولي المملكة بعده ابنه الأمير علي، انظر السير: (٧٣/ ٢١).
(١) انظر المعجب: (٢٦٩ - ٢٧٢).
(٢) سير أعلام النبلاء: (٢١/ ٣١٣).
(٣) صلة الصلة: (٥).
1 / 28