مثال ذلك ما ذكره من طريق أبي داود (١) من حديث عمرو بن مرة عن عاصم العنزي، عن ابن جبير بن مطعم، عن أبيه أنه رأى رسول الله ﷺ يصلي صلاة، قال عمرو -يعني ابن مرة- لا أدري أي صلاة هي، فقال: "الله أكبر كبيرا، الله أكبر كبيرا، الله أكبر كبيرا، والحمد لله كثيرا، والحمد لله كثيرًا، والحمد لله كثيرا -ثلاث مرات- سبحان الله بكرة وأصيلًا -ثلاثًا- أعوذ بالله من الشيطان الرجيم من نفخه ونفثه وهمزه".
ثم عقب ذلك بقوله: قال نفثه: الشعر، ونفخه: الكبر، وهمزه: الموتة وأراد عبد الحق أن يفسر أيضا قول عمرو: الموتة، فنقل عن الهروي قوله: "الموتة يعنى الجنون".
ثم قال عبد الحق. وقال غيره: ليس الموتة بصمم الجنون وإنما هو شيء
يأخذ الإِنسان شبه السبات.
وليس معنى هذا أن عبد الحق قد فسَّر كلَّ غريب أحاديث كتابه، وبين معانبها ومقاصدها، فثمة شيء كثير لم يفسره، فانتدب إلى ذلك أبو عبد الله محمد بن علي بن حماد الصنهاجي، المعروف بابن كلانو المتوفى سنة (٦٤٠) هـ فشرح غريب أحكام أبي محمد عبد الحقّ، كما أشار إلى ذلك أبو جعفر ابن الزبير (٢).
هذا عن الكتاب وبيان منهجه، وسنتكلم عن نسخه المخطوطة عند ذكر تصانيف المؤلف، فهذه ترجمة حافلة للإِمام الحافظ أبي محمد عبد الحق الإِشبيلي مصنف كتاب الأحكام:
_________
(١) أبو داود: (١/ ٤٨٦) (٢) كتاب الصلاة (١٢١) باب ما يستفتح به الصلاة من الدعاء، رقم (٧٦٤).
(٢) غرباء القسم الثاني من صلة الصلة المنشور في آخر السفر الثامن من الذيل والتكملة، رقم (١٥).
1 / 21