احکام قرآن
أحكام القرآن لابن العربي
ناشر
دار الكتب العلمية
ایڈیشن نمبر
الثالثة
اشاعت کا سال
١٤٢٤ هـ - ٢٠٠٣ م
پبلشر کا مقام
بيروت - لبنان
عَلَى الْفُقَرَاءِ الْمُحْتَاجِينَ، وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ بِنُصْرَةِ الدِّينِ، وَكَنَّى اللَّهُ سُبْحَانَهُ عَنْ الْفَقِيرِ بِنَفْسِهِ الْعَلِيَّةِ الْمُنَزَّهَةِ عَنْ الْحَاجَاتِ تَرْغِيبًا فِي الصَّدَقَةِ، كَمَا كَنَّى عَنْ الْمَرِيضِ وَالْجَائِعِ وَالْعَاطِشِ بِنَفْسِهِ الْمُقَدَّسَةِ عَنْ النَّقَائِصِ وَالْآلَامِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «يَقُولُ اللَّهُ تَعَالَى عَبْدِي مَرِضْت فَلَمْ تَعُدْنِي، يَقُولُ: وَكَيْفَ تَمْرَضُ وَأَنْتَ رَبُّ الْعَالَمِينَ؟ فَيَقُولُ: مَرِضَ عَبْدِي فُلَانٌ وَلَوْ عُدْتَهُ لَوَجَدْتنِي عِنْدَهُ، وَيَقُولُ: جَاعَ عَبْدِي فُلَانٌ وَلَوْ أَطْعَمْتَهُ لَوَجَدْتنِي عِنْدَهُ، وَيَقُولُ: عَطِشَ عَبْدِي فُلَانٌ وَلَوْ سَقَيْتَهُ لَوَجَدْتَنِي عِنْدَهُ». وَهَذَا كُلُّهُ خَرَجَ مَخْرَجَ التَّشْرِيفِ لِمَنْ كَنَّى عَنْهُ تَرْغِيبًا لِمَنْ خُوطِبَ بِهِ.
الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ: قَالَ قَوْمٌ: الْمُرَادُ بِالْآيَةِ الْإِنْفَاقُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ تَعَالَى؛ لِأَنَّهُ قَالَ قَبْلَهَا: ﴿وَقَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ﴾ [البقرة: ١٩٠] فَهَذَا الْجِهَادُ بِالْبَدَنِ، ثُمَّ قَالَ بَعْدَهُ: ﴿مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا﴾ [البقرة: ٢٤٥] فَهَذَا الْجِهَادُ بِالْمَالِ.
وَقَدْ قَالَ النَّبِيُّ ﷺ: «مَنْ جَهَّزَ غَازِيًا فَقَدْ غَزَا، وَمَنْ خَلَفَهُ فِي أَهْلِهِ بِخَيْرٍ فَقَدْ غَزَا».
وَالصَّحِيحُ عِنْدِي مَا قَالَهُ الْحَسَنُ مِنْ أَنَّهُ فِي أَبْوَابِ الْبِرِّ كُلِّهَا وَلَا يَرُدُّ عُمُومَهُ مَا تَقَدَّمَهُ مِنْ ذِكْرِ الْجِهَادِ.
[مَسْأَلَةٌ انْقِسَام النَّاس بَعْد نُزُول قَوْله تَعَالَى مِنْ ذَا الَّذِي يُقْرِض اللَّه]
الْمَسْأَلَةُ الرَّابِعَةُ: انْقَسَمَ الْخَلْقُ بِحُكْمِ الْخَالِقِ وَحِكْمَتِهِ وَإِرَادَتِهِ وَمَشِيئَتِهِ وَقَضَائِهِ وَقَدَرِهِ حِينَ سَمِعُوا هَذِهِ الْآيَةَ أَقْسَامًا وَتَفَرَّقُوا فِرَقًا ثَلَاثَةً:
1 / 307