احکام قرآن
أحكام القرآن لابن العربي
ناشر
دار الكتب العلمية
ایڈیشن
الثالثة
اشاعت کا سال
١٤٢٤ هـ - ٢٠٠٣ م
پبلشر کا مقام
بيروت - لبنان
وَيُظْهِرُ الْإِيمَانَ يُسْتَتَابُ وَلَا يُقْتَلُ.
وَهَذَا وَهْمٌ مِنْ عُلَمَاءِ أَصْحَابِهِ؛ فَإِنَّ النَّبِيَّ ﷺ لَمْ يَسْتَتِبْهُمْ، وَلَا يَقُولُ أَحَدٌ: إنَّ اسْتِتَابَةَ الزِّنْدِيقِ غَيْرُ وَاجِبَةٍ.
وَكَانَ النَّبِيُّ ﷺ مُعْرِضًا عَنْهُمْ، مَعَ عِلْمِهِ بِهِمْ، فَهَذَا الْمُتَأَخِّرُ مِنْ أَصْحَابِ الشَّافِعِيِّ الَّذِي قَالَ: إنَّ اسْتِتَابَةَ الزِّنْدِيقِ جَائِزَةٌ
قَالَ مَا لَمْ يَصِحَّ قَوْلًا وَاحِدًا.
وَأَمَّا قَوْلُ مَنْ قَالَ: إنَّهُ لَمْ يَقْتُلْهُمْ؛ لِأَنَّ الْحَاكِمَ لَا يَقْضِي بِعِلْمِهِ فِي الْحُدُودِ، فَقَدْ قَتَلَ بِالْمُجَذِّرِ بْنِ زِيَادٍ بِعِلْمِهِ الْحَارِثَ بْنَ سُوَيْد بْنِ الصَّامِتِ؛ لِأَنَّ الْمُجَذِّرَ قَتَلَ أَبَاهُ سُوَيْدًا يَوْمَ بُعَاثَ، فَأَسْلَمَ الْحَارِثُ، وَأَغْفَلَهُ يَوْمَ أُحُدٍ الْحَارِثُ فَقَتَلَهُ، فَأَخْبَرَ بِهِ جِبْرِيلُ النَّبِيَّ ﷺ فَقَتَلَهُ بِهِ؛ لِأَنَّ قَتْلَهُ كَانَ غِيلَةً، وَقَتْلُ الْغِيلَةِ حَدٌّ مِنْ حُدُودِ اللَّهِ ﷿.
الْقَوْلُ الصَّحِيحُ: وَالصَّحِيحُ: أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ إنَّمَا أَعْرَضَ عَنْهُمْ تَأَلُّفًا وَمَخَافَةً مِنْ سُوءِ الْمَقَالَةِ الْمُوجِبَةِ لِلتَّنْفِيرِ، كَمَا سَبَقَ مِنْ قَوْلِهِ.
وَهَذَا كَمَا كَانَ يُعْطِي الصَّدَقَةَ لِلْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ مَعَ عِلْمِهِ بِسُوءِ اعْتِقَادِهِمْ تَأَلُّفًا لَهُمْ، أَجْرَى اللَّهُ سُبْحَانَهُ أَحْكَامَهُ عَلَى الْفَائِدَةِ الَّتِي سَنَّهَا إمْضَاءً لِقَضَايَاهُ بِالسُّنَّةِ الَّتِي لَا تَبْدِيلَ لَهَا.
1 / 21