200

احکام قرآن

أحكام القرآن

تحقیق کنندہ

محمد صادق القمحاوي - عضو لجنة مراجعة المصاحف بالأزهر الشريف

ناشر

دار إحياء التراث العربي

پبلشر کا مقام

بيروت

الْخَمْرِ مَعْصِيَةٌ قِيلَ لَهُ كَذَلِكَ الْمُثْلَةُ مَعْصِيَةٌ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. بَاب الْقَوْلِ فِي وُجُوبِ الْوَصِيَّةِ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى [كُتِبَ عَلَيْكُمْ إِذا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ إِنْ تَرَكَ خَيْرًا الْوَصِيَّةُ لِلْوالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُتَّقِينَ] قَالَ أَبُو بَكْرٍ لَمْ يَخْتَلِفْ السَّلَفُ مِمَّنْ رُوِيَ عَنْهُ أَنَّ قَوْلَهُ [خَيْرًا] أَرَادَ بِهِ مَالًا وَاخْتَلَفُوا فِي الْمِقْدَارِ الْمُرَادِ بِالْمَالِ الَّذِي أَوْجَبَ اللَّهُ الْوَصِيَّةَ فِيهِ حِينَ كَانَتْ الْوَصِيَّةُ فرضا لِأَنَّ قَوْلَهُ [كُتِبَ عَلَيْكُمْ] مَعْنَاهُ فُرِضَ عَلَيْكُمْ كقوله تعالى [كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيامُ- وَقَوْلِهِ- إِنَّ الصَّلاةَ كانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتابًا مَوْقُوتًا] يَعْنِي فَرْضًا مُوَقَّتًا وَرُوِيَ عَنْ عَلِيٍّ كَرَّمَ اللَّهُ وَجْهَهُ أَنَّهُ دَخَلَ عَلَى مَوْلًى لَهُ في مرضه وله سبعمائة درهم أو ستمائة دِرْهَمٍ فَقَالَ أَلَا أُوصِي قَالَ لَا إنَّمَا قال الله تعالى [إِنْ تَرَكَ خَيْرًا] وَلَيْسَ لَكَ كَثِيرُ مَالٍ وَرُوِيَ عَنْ عَلِيٍّ أَنَّهُ قَالَ أَرْبَعَةُ آلَافِ دِرْهَمٍ وَمَا دُونَهَا نَفَقَةٌ وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ لَا وَصِيَّةَ فِي ثَمَانِ مِائَةِ دِرْهَمٍ وَقَالَتْ عَائِشَةُ ﵂ فِي امْرَأَةٍ أَرَادَتْ الْوَصِيَّةَ فَمَنَعَهَا أَهْلُهَا وقالوا لها ولد وما لها يَسِيرٌ فَقَالَتْ كَمْ وَلَدُهَا قَالُوا أَرْبَعَةٌ قَالَتْ فَكَمْ مَالُهَا قَالُوا ثَلَاثَةُ آلَافٍ فَكَأَنَّهَا عَذَرَتْهُمْ وَقَالَتْ مَا فِي هَذَا الْمَالِ فَضْلٌ وَقَالَ إبْرَاهِيمُ أَلْفُ دِرْهَمٍ إلَى خَمْسِ مِائَةِ دِرْهَمٍ وَرَوَى هَمَّامٌ عَنْ قَتَادَةَ إِنْ تَرَكَ خَيْرًا قَالَ كَانَ يُقَالُ خَيْرُ الْمَالِ أَلْفُ دِرْهَمٍ فَصَاعِدًا وَقَالَ الزُّهْرِيُّ هِيَ فِي كُلِّ مَا وَقَعَ عَلَيْهِ اسْمُ الْمَالِ مِنْ قَلِيلٍ أَوْ كَثِيرٍ وَكُلُّ هَؤُلَاءِ الْقَائِلِينَ فَإِنَّمَا تَأَوَّلُوا تَقْدِيرَ الْمَالِ عَلَى وَجْهِ الِاسْتِحْبَابِ لَا عَلَى وَجْهِ الْإِيجَابِ لِلْمَقَادِيرِ الْمَذْكُورَةِ وَكَانَ ذَلِكَ مِنْهُمْ عَلَى طَرِيقِ الِاجْتِهَادِ فِيمَا تَلْحَقُهُ هَذِهِ الصِّفَةُ مِنْ الْمَالِ وَمَعْلُومٌ فِي الْعَادَةِ أَنَّ مَنْ تَرَكَ دِرْهَمًا لَا يُقَالُ تَرَكَ خَيْرًا فَلَمَّا كَانَتْ هَذِهِ التَّسْمِيَةُ مَوْقُوفَةً عَلَى الْعَادَةِ وَكَانَ طَرِيقُ التَّقْدِيرِ فِيهَا عَلَى الِاجْتِهَادِ وَغَالِبِ الرَّأْيِ مَعَ الْعِلْمِ بِأَنَّ الْقَدْرَ الْيَسِيرَ لَا تَلْحَقُهُ هَذِهِ التَّسْمِيَةُ وَأَنَّ الْكَثِيرَ تَلْحَقُهُ فَكَانَ طَرِيقُ الْفَصْلِ فِيهَا الِاجْتِهَادَ وَغَالِبَ الرَّأْيِ مَعَ مَا كَانُوا عَرَفُوا مِنْ سُنَّةِ النَّبِيِّ ﷺ وَقَوْلِهِ الثُّلُثُ وَالثُّلُثُ كَثِيرٌ وَأَنْ تَدَعَ ورثتك أغنياء خير من أن تدعهم عالة يَتَكَفَّفُونَ النَّاسَ وَاخْتَلَفَ النَّاسُ فِي الْوَصِيَّةِ الْمَذْكُورَةِ فِي هَذِهِ الْآيَةِ هَلْ كَانَتْ وَاجِبَةً أَمْ لَا فَقَالَ قَائِلُونَ إنَّهَا لَمْ تَكُنْ وَاجِبَةً وَإِنَّمَا كَانَتْ نَدْبًا وَإِرْشَادًا وَقَالَ آخَرُونَ قَدْ كَانَتْ فَرْضًا ثُمَّ نُسِخَتْ عَلَى الِاخْتِلَافِ مِنْهُمْ فِي الْمَنْسُوخِ مِنْهَا وَاحْتَجَّ مَنْ قَالَ إنَّهَا لَمْ تَكُنْ وَاجِبَةً بِأَنَّ فِي سِيَاقِ الْآيَةِ وَفَحْوَاهَا دَلَالَةٌ عَلَى نَفْيِ وُجُوبِهَا وَهُوَ قَوْلُهُ [الْوَصِيَّةُ لِلْوالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ بِالْمَعْرُوفِ] فلما

1 / 202