Ahkam al-Siyam
أحكام الصيام
ایڈیٹر
محمد عبد القادر عطا
ناشر
دار الكتب العلمية
اشاعت کا سال
1406 ہجری
پبلشر کا مقام
بيروت
اصناف
نفي الحساب والكتاب فيما يتعلق بأيام الشهر الذي يستدل به على استمرار الهلال وطلوعه.
وقد قدمنا فيما تقدم أن النفي وإن كان على اطلاقه يكون عاماً، فإذا كان في سياق الكلام ما يبين المقصود علم به المقصود أخاص هو، أم عام؟ فلما قرن ذلك بقوله: ((الشهر ثلاثون)) و ((الشهر تسعة وعشرون)) بين أن المراد به أنا لا نحتاج في أمر الهلال إلى كتاب ولا حساب، إذ هو تارة كذلك، وتارة كذلك. والفارق بينهما هو الرؤية فقط، ليس بينهما فرق آخر من كتاب ولا حساب، كما سنبينه. فإن أرباب الكتاب والحساب لا يقدرون على أن يضبطوا الرؤية بضبط مستمر وإنما يقربوا ذلك، فيصيبون تارة، ويخطئون أخرى.
وظهر بذلك أن الأمية المذكورة هنا صفة مدح وكمال، من وجوه: من جهة الاستغناء عن الكتاب والحساب، بما هو أبين منه وأظهر، وهو الهلال. ومن جهة أن الكتاب والحساب هنا يدخلهما غلط. ومن جهة أن فيهما تعباً كثيراً بلا فائدة، فإن ذلك شغل عن المصالح، إذ هذا مقصود لغيره لا لنفسه، وإذا كان نفي الكتاب والحساب عنهم للاستغناء عنه بخير منه، وللمفسدة التي فيه كان الكتاب والحساب في ذلك نقصاً وعيباً، بل سيئة وذنباً، فمن دخل فيه فقد خرج عن الأمة الأمية فيما هو من الكمال والفضل السالم عن المفسدة، ودخل في أمر ناقص يؤديه إلى الفساد والاضطراب.
وأيضاً فإنه جعل هذا وصفاً للأمة. كما جعلها وسطاً في قوله تعالى: ﴿جعلناكم أمة وسطاً﴾(٣٤) فالخروج عن ذلك اتباع غير سبيل المؤمنين.
وأيضاً فالشيء إذا كان صفة للأمة لأنه أصلح من غيره؛ ولأن غيره فيه مفسدة: كان ذلك مما يجب مراعاته، ولا يجوز العدول عنه إلى غيره، لوجهين: لما فيهم من المفسدة، ولأن صفة الكمال التي للأمة يجب حفظها عليها. فإن كان الواحد لا يجب عليه في نفسه تحصيل المستحبات، فإن كل ما شرع للأمة جميعاً
(٣٤) سورة: البقرة، آية: ١٤٣.
50