فقالوا جميعا: هاته يا بو يوسف، فأجابهم: غدا متى جاء سيدنا احملوه من أول (خراجنا) إلى آخره؛ لئلا تصيبه مصيبة عندنا تصيرنا مثلا بين الناس. استرنا يا رب.
وتحرك للذهاب، فنهضوا جميعا كأنهم معلقون بخيط واحد.
أما ما أقره (برلماننا) قبل الانصراف فهو أن نقطع الصفحة السادسة من عدد الأحرار (20 تموز و24 آب) ونرفعها إلى حضرة مدير الداخلية، مع العريضة التي نصوها هم، وإليكها بعد الترجمة:
تطلبون إفادة القائمقام عن قريتنا، فلكي تعجلوا في شق طريقنا - وزاد الشيخ: قبل حضور غبطته - وتحسبوا حسابنا في الميزانية الجديدة ، أرسلنا ما كتبه أحدنا مارون عبود عن قريتنا وطرقها، فإذا لذلكم (النحو) قرأتم ما كتب، وإن أعجبتكم البساطة قرأتم عريضتنا هذه، ثم سردوا موقع الطريق وعلاقتها القديمة والجديدة بالجمهور. وغب الفحص والتحقيق إذا لم تصدقونا تتضح لكم حالنا وحاجتنا إلى الطريق، وأننا بقينا وحدنا بلا درب، فإن كنا محسوبين من رعيتكم تشقوها لنا، وإن تتعذروا عن شقها كلها أوصلوها إلى أول خراجنا، ونحن نتكفل لكم بإيصالها إلى ضيعتنا، وتسليمها لجيراننا أهالي صغار، وجربتا، وتولا، والبقيعة، وضهر أبي ياغي، وشويت، وهكذا نربط البلادين: جبيل والبترون، والمحافظتين: الشمال وجبل لبنان، ويصير عندنا طريق تمكننا من بيع العنب والتين والزيتون والإجاص والسفرجل، وإيصال دخاننا إلى مستودع الشركة بالوقت، فلا تغرمنا وتخرب بيوتنا، وحينئذ نقدر على الدفع للجباة ولا نردهم فارغين. كثيرون منا يا أفندي يموتون ولا يلحقهم طبيب ولا دوا، فأطباء البلاد نزحوا، والفرمشيات سكرها أصحابها، فأملنا أن تلبوا طلبنا الزهيد الذي لا يكلفكم إلا خمسمائة ستمائة ورقة، أنتم من خير المولى تنفقون بكرم وجود ألوف ليرات على تقويم حيط، وتصرفون ألوف الليرات تعويضا لواحد من المأمورين ما خسر شيئا في حياته بل ربح كثيرا وضب، فاحسبوا - لا سمح الله بذلك - أنه كان منا موظف وصرفتم له تعويضا، فاصرفوا لنا مثل هذا المبلغ وسموه مثلما تريدون: قرضا، تعويضا، حسنة لوجه الله، نحن قابلون بذلك وإن كان لا يساوي قيراطا من أربعة وعشرين مما دفعناه وندفعه إلى الصندوق منذ سنة الستين إلى اليوم، إن الذي يأكل ولا يطعم تذمه الناس، ونحن نعرف الحكومة كالأب، والأب لا يفرق بين أولاده حتى المعاتيه منهم، وفي الختام نشكر مساعيكم المشكورة ودمتم بخير سالمين.
حاشية:
إلى مدير الداخلية السيد صبحي بك أبو النصر.
هذه صورة محضر مجلس القرية نقلتها بحروفها، وسأنقل أيضا شيئا كثيرا بكل صراحة، ولولا تعميمكم ما وجهوا خطابكم إليكم، فعسى أن تحيط بها المراجع علما فقد أغلينا الورق وما من مجيب.
وأزيد حضرتكم علما أن متمشرقا كبيرا شاء زيارتي في لبنان فأجبته: إذا جئتنا في عيد الفصح تجدني في عين كفاع، فإذا كنت رياضيا كجماعتك الإنكليز، فاستعد للسير على قدميك في طريق قلقة المجاز، تتعثر فيها المعزى. فتعجب الأستاذ كيف يكون هذا في جمهوريتنا السعيدة بطرقها الرئيسية المزفتة العريضة كشوارع لندرة، حتى تنازل وقال: يظهر أنكم توجهون بضاعتكم.
إن هذه الصراحة التي أخاطبكم بها قد خسرتني الكثيرين من أصحابي، عوضني الله من هؤلاء جميعا بصداقتكم التي أخطبها وأتمنى أن تكون كشهر الصوم في الطول.
رسالة إلى الرياس
نامعلوم صفحہ