احادیث المازنی
أحاديث المازني
اصناف
ولا بأس بكثرة هذه الأعياد بل إن كثرتها هي التي تجعل لها معنى وتكسبها الدلالة المنشودة. ولا أحتاج أن أقول أن هذه الأعياد ليست للحكومة التي تقررها وإنما هي للشعب.
نعم إن الحكومة تكف عن العمل في هذه الأيام فتغلق دواوينها ويرتاح موظفوها ولكن هذا ليس هو المقصود بالتعييد وإن كان لا مفر منه، وإنما المقصود بالتعييد هو الشعب. هو الذي يراد الخير له بهذه الراحة وبما هو خليق أن يفوز به فيها من السرور، وهو الذي يراد منه أن يفهم معنى العيد وأن يتأثر بهذا المعنى ويجعل له شأنا في حياته.
لقد عاشت الأمة زمنا طويلا وهي لا تعرف أن لها شأنا في الحياة أكثر من السعي وراء الرزق والتماس وجوه العيش الفردي، ولم تكن للجماعة المصرية وجود ولا للحكومة صلة بهذه الجماعة. وكانت الحكومة لا تحس أنها من الأمة والأمة لا تحس أن الحكومة لها.
هذه الأعياد صفحات في تاريخ الأمة ومراحل في طريقها الذي سلكته إلى غايتها أو على الأصح معالم في مراحل الطريق والأمم عبارة عن أجيال متعاقبة.
فإذا قلنا أن هذه الأعياد تذكير بأيام السعي وأيام القطاف فلسنا نخطئ. وإذا قلنا إنها دروس شعبية تتلقاها الأمة بين مظاهر السرور في تاريخها فلسنا نخطئ أيضا. وشبيه بذلك مع الفارق بطبيعة الحال أن تكون مدرسا فتجمع أطفالك وتقول لهم سنذهب غدا نتنزه في القناطر الخيرية مثلا. ثم يجيء الغد فتصحبهم إلى هذه القناطر التي لم يسمعوا بها والتي لا يحدث اسمها في أذهانهم الصغيرة أي معنى أو صورة وتركبهم القطار أو الباخرة فيعرفون بالتجربة ما القطار أو ما الباخرة ثم تمر بهم على القناطر فيرون ماء النيل تحتها والبوابات المجعولة لحجز الماء أو إطلاقه وتستطيع وأنت تريهم هذا وتدعهم يستمتعون به أن تعرفهم ما القناطر وما داعيها والحاجة إلهيا ومن أنشأها بعبارة قريبة المتناول سهلة الورود على النفس ثم تخرج إلى البساتين الواسعة والرياض الجميلة فيلعبون وينطون ويضحكون ولا تعدم مع ذلك فرصا كثيرة تعرفهم فيها بعض ما ترى أن يعرفوه عن الزروع وعن الحاجة إلى البساتين العامة لرياضة الشعب وتجميل حياته. وتكون هذه نزهة حقيقية نعم بها الأطفال وعادوا منها فرحين جذلين ولكنها تكون كذلك دروسا شتى نافعة تلقوها وهم لا يشعرون ولهذا تكون خير الدروس وأجداها عليهم وأبقاها أثرا في نفوسهم. وقد ينسون كل ما نعلمهم من الحساب والجغرافيا واللغتين العربية والإنجليزية وغير ذلك من العلوم والمعارف ولكنهم لا يمكن أن ينسوا القناطر والنيل والبساتين التي نعموا برؤيتها واللعب السعيد فيها وما اغتنمت الفرصة لتلقينهم إياه وهم ساهون يحسبون أنك تكلمهم كلاما عاديا ليس المقصود به أن يحفظوه ويعوه وإنما المقصود به أن يتسلوا به ويقضوا الوقت.
وكذلك أرى هذه الأعياد دروسا شعبية عامة تلقي على أجيال الأمة وهي فرحة مسرورة بالراحة وبما حرصت عليه من أسباب المتعة والسرور في أيامها.
الفصل الثاني
أثر الراديو في الموسيقى والتمثيل والأدب
الإخلاص شرط جوهري للأديب
أستأذن السامعين الأفاضل - إذا كان هناك من يعني بالاستماع وشكي في ذلك غير يسير - في كلمة وجيز إلا أنها مخلصة، أحيي فيها شعب العراق الشقيق.
نامعلوم صفحہ