فَقُلْتُ: يا رسولَ الله صِفْهُم لَنَا. قال: "نَعَم، قَوْمٌ مِنْ جِلْدَتِنَا١، وَيَتَكَلَّمُونَ بِأَلْسِنَتِنَا"، فقلت: يا رسولَ الله مَا تَأْمُرُنِي إِنْ أَدْرَكْتُ ذَلِكَ؟ قال: "تَلْزَمُ جَمَاعَةَ الْمُسْلِمِيْنَ وَإِمَامِهِم"، قُلْتُ: فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُم جَمَاعَةُ وَلاَ إِمَامٌ؟ قَالَ: "فَاعْتَزِلْ تِلْكَ الْفِرَقَ كُلَّهَا، وَلَوْ أَنْ تَعَضَّ٢ عَلَى أَصْلِ الشَّجَرَةِ، حَتَّى يُدْرِكَكَ الْمَوتُ وَأَنْتَ عَلَى ذَلِكَ".
_________
١ "قوم من جلدتنا"، أي: من قومنا ومن أهل لساننا وملتنا. وفيه إشارة إلى أنّهم من العرب.
وقيل: معناه أنّهم في الظّاهر على ملتنا، وفي الباطن مخالفون. وجلدة الشيء ظاهره. وهي في الأصل: غشاء البدن.
٢ "ولو أن تعض" بفتح العين المهملة وتشديد الضّاد المعجمة. أي ولو كان الاعتزال بالعض. فلا تعدل عنه.
وفي حديث حذيفة هذا: لزوم جماعة المسلمين وإمامهم، ووجوب طاعته وإن فسق وعمل المعاصي من أخذ الأموال وغير ذلك – درءًا للفتن.
وفيه حكمة الله في عباده. كيف أقام كلا منهم فيما شاء- فحبب إلى أكثر الصّحابة السؤال عن وجوه الخير، ليعملوا بها ويبلغوها غيرهم.
وحبب لحذيفة السؤال عن الشّر ليجنّبه، ويكون سببًا في دفعه عمن أراد الله له النّجاة.
1 / 40