ادواء علا سنہ محمدیہ

محمود ابو ريہ d. 1390 AH
22

ادواء علا سنہ محمدیہ

أضواء على السنة المحمدية

اصناف

ساعدهم على ذلك أن دلائل الفقهاء كلها ظنية الثبوت ولا يشترط فيها التواتر . ولكل إنسان أن يأخذ بما يطمئن به قلبه من الاحاديث بغير ما حرج . ولو أنت رجعت إلى كتب المحققين وبخاصة كتاب " إعلام المرقعين " لابن قيم الجوزية لوجدت فيه أحاديث كثيرة تبلغ المائة أو تزيد - لم يأخذ شيوخ الفقه بها ، ولم يخالفوا مذاهبهم من أجلها ، وإذا سألتهم عن سبب استمساكهم بما وجدوه في مذاهبهم وعدم الاخذ عن غيرها قالوا : إن أئمتهم لم يأخذوا بما أخذوا من أحاديث وفتاوى من قبلهم إلا بما اطمأنت به قلوبهم وسكنت إليه نفوسهم مما هو صحيح في رأيهم ، وجرى عليه العمل في أزمانهم ، وإن هؤلاء الائمة الكبار قد كانوا لقربهم من الصحابة وكبار التابعين أوسع علما ، وأعمق فقها من أصحاب كتب السنة الذين لم تشتهر كتبهم إلا بعد انقضاء القرون الاولى التى هي خير القرون بنص الحديث الذى رووه في ذلك . وأما أئمة النحو فإنهم لم يجعلوا الحديث من النصوص التى يستشهدون بها على قواعدهم في اللغة والنحو لانهم استيقنوا أن النص الصحيح للحديث قد ضاعت معالمه ، وأن ما يروى عن النبي لم يأت على حقيقة لفظه ، ولا يعلم أحد على اليقين ما هي الصورة الصحيحة التى نطق النبي بها ، وبذلك لا يصح الاستشهاد بالحديث ، وعلى أنهم لا يأخذون بالحديث الذي جاءهم عن نبيهم ، فإنهم يستشهدون بكلام أجلاف العرب الذين كانوا يبولون على أعقابهم ! كلمة عامة : لما انكشف لى ذلك كله وغيره مما يحمله كتابنا - وبدت لى حياة الحديث المحمدى في صورة واضحة جلية تتراءى في مرآة مصقولة ، أصبحت على بينة من أمر ما نسب إلى الرسول من أحاديث ، آخذ ما آخذ منه ونفسي راضية ، وأدع ما أدع وقلبي مطمئن ، ولا على في هذا أو ذلك أي حرج أو جناج . ولا يتوهمن أحد أنى بدع في ذلك ، فإن علماء (1) الامة لم يأخذوا بكل حديث

---

(1) وقد قال أبو عمر وغيره من كبار العلماء ، أجمع الناس على أن المقلد ليس معدودا من أهل العلم ، وأن العلم معرفة الحق بدليله . وقال ابن القيم تعليقا على هذا القول : قد تضمن هذان الاجماعان = (*)

--- [ 26 ]

صفحہ 25