ثمَّ قَالَ ابْن الْكَمَال
وَبِالْجُمْلَةِ هَذِه الْمَسْأَلَة لَيست من الاعتقاديات فَلَا حَظّ للقلب مِنْهَا وَأما اللِّسَان فحقه أَن يصان عَمَّا يتَبَادَر على دَفعه وتداركه
قلت مَا ثَبت بِالْكتاب وَالسّنة يجب اعْتِقَاده مُجملا ومفصلا نعم لَو لم يخْطر ببال مُؤمن هَذَا المبحث لَا نفيا وَلَا إِثْبَاتًا لَا يضرّهُ ككثير من الْمسَائِل الْمَذْكُورَة فِي كتب العقائد المسطورة
ثمَّ هَذِه الْمَسْأَلَة لَو لم تكن فِي الْجُمْلَة من الْمسَائِل الإعتقادية لما ذكرهَا الإِمَام الْمُعظم الْمُعْتَبر فِي ختم فقه الْأَكْبَر وَكَانَ هَذَا من عَلامَة ولَايَته ﵁ حَيْثُ كوشف لَهُ هَذَا الْمَعْنى أَن يَقع الِاخْتِلَاف فِي هَذَا المبنى
ثمَّ لَا عِبْرَة بالعوام فهم كالأنعام فِي عقائدهم الْفَاسِدَة وتأويلاتهم الكاسدة وَإِنَّمَا المُرَاد المُرَاد على كَلَام الْخَواص من الْعلمَاء الْأَعْلَام الَّذين هم قدوة أهل الْإِسْلَام
وَاقعَة غَرِيبَة
ثمَّ من الوقائع الغريبة فِي الْأَزْمِنَة الْقَرِيبَة أَن بعض عُلَمَاء الْحَنَفِيَّة مَعَ انه بلع الْغَايَة القصوى فِي مرتبَة الْفَتْوَى أفتى تبعا للسيوطي وَجمع من الشَّافِعِيَّة مَعَ اطِّلَاعه على عقيدة إِمَام الْملَّة الحنيفية حَيْثُ قَالَ
الْمَشْهُور عِنْد الْعلمَاء مَا ذكره الإِمَام الْأَعْظَم وَلم يرجع عَنهُ غير أَن الْعَلامَة السُّيُوطِيّ أخرج بِسَنَدِهِ حَدِيثا يصلح التَّمَسُّك بِهِ مضمونه أَن الله أحيى أَبَوَيْهِ فَآمَنا بِهِ
ثمَّ قَالَ فِي آخِره
وَهُوَ الَّذِي نعتقده وندين الله بِهِ
ثمَّ إِنَّه تعَارض حَدِيث ابْن مَسْعُود وَحَدِيث ابْن عَبَّاس ﵄ وَأمكن الْجمع بَينهمَا بِأَنَّهُ منع من الاسْتِغْفَار أَولا وَهُوَ مَضْمُون حَدِيث ابْن مَسْعُود ثمَّ أذن لَهُ ثَانِيًا وَهُوَ مَضْمُون حَدِيث ابْن عَبَّاس الَّذِي أَخذ بِهِ الْجلَال السُّيُوطِيّ انْتهى مُلَخصا
وَأَنت عرفت أَن الحَدِيث الأول الَّذِي تمسك بِهِ السُّيُوطِيّ لَيْسَ بِإِسْنَادِهِ وَلَا يَصح بالِاتِّفَاقِ بل هُوَ ضَعِيف كَمَا اعْترف بِهِ السُّيُوطِيّ أَو مَوْضُوع كَمَا صرح بِهِ غَيره
وَأما مَا نسبه إِلَى ابْن عَبَّاس فَلَا أصل لَهُ لَا عِنْد السُّيُوطِيّ وَلَا عِنْد غَيره وَالله أعلم
1 / 141