أدب الموعظة
أدب الموعظة
ناشر
مؤسسة الحرمين الخيرية
ایڈیشن نمبر
الأولى ١٤٢٤هـ
اصناف
عليهم الآراء المنحدرة في شقاء.
وإذا لم يكن لأولئك المضلين سبيل على المستضعفين سوى أنهم يحبرون لهم القول تحبيرا - فمن الميسور على دعاة الإصلاح أن يسابقوهم في مضمار البراعة؛ فإنهم متى ألبسوا الدعوة إلى الحق والفضيلة أساليب بديعة أحرزوا الغاية، وأنقذوا أولئك المستضعفين من ضلال بعيد١.
ولا يعني ذلك أن يتكلف الواعظ السجع، ويتحرى دقائق الإعراب، ووحشي اللغة.
وإنما المقصود أن يلبس موعظته ثوبا جميلا يفهم، ويستحسن، ويقع موقعه في القلوب.
فها هو ابن الجوزي ﵀ وهو الإمام المتمرس في الوعظ وأساليبه يقول: "فالتحقيق مع العوام صعب، ولا يكادون ينتفعون بمر الحق، إلا أن الواعظ مأمور بأن لا يتعدى الصواب، ولا يتعرض لما يفسدهم؛ بل يجذبهم إلى ما يصلح بألطف وجه.
وهذا يحتاج إلى صناعة؛ فإن من العوام من يعجبه حسن اللفظ، ومنهم من يعجبه الإشارة، ومنهم من ينقاد ببيت شعر.
وأحوج الناس إلى البلاغة الواعظ؛ ليجمع مطالبهم.
ولكنه ينبغي أن ينظر في اللازم الواجب، وأن يعطيهم من المباح في اللفظ قدر الملح في الطعام، ثم يجتذبهم إلى العزائم، ويعرفهم الطريق الحق"٢.
هذا وسيأتي مزيد بسط للأساليب التي يحسن سلوكها في الموعظة في
١ انظر: الدعوة والإصلاح، ص٥٣ـ٥٤. ٢ صيد الخاطر، لابن الجوزي، ص١٨٧ـ١٨٨.
1 / 66