أدب الموعظة
أدب الموعظة
ناشر
مؤسسة الحرمين الخيرية
ایڈیشن نمبر
الأولى ١٤٢٤هـ
اصناف
في أمر مجمل فقال: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمْ الصِّيَامُ﴾ [البقرة:١٨٣] .
وذكر أن هذا النوع من القربة قد فرض على الأمم السالفة، فقال - تعالى ـ: ﴿كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ﴾ [البقرة:١٨٣] .
فهو عمل مألوف، وشريعة غير خاصة، وفي هذه التذكرة ما يدخله في قبيل السنن الجارية، ويجعله أمرا هينا.
ثم أشعرهم بأن أيامه في الحساب قليلة فقال - تعالى ـ: ﴿أَيَّامًا مَعْدُودَاتٍ﴾ [البقرة:١٨٤] .
وبعد أن هيأ النفوس لقبول فريضته قال: ﴿شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنْ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمْ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ﴾ [البقرة:١٨٥] .
وجرى التنزيل على هذه السنة عند الترغيب في أمر صعب المركب، شديد الأثر على النفس، وهو الصبر على الأذى، ومقابلة الإساءة بالعفو؛ فأمر بالعدل في المجازاة، ونهى عن تجاوز المثل في العقوبة، فقال: ﴿وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُوا بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُمْ بِهِ﴾ [النحل:١٢٦] ثم بين قوله - تعالى ـ: ﴿وَلَئِنْ صَبَرْتُمْ لَهُوَ خَيْرٌ لِلصَّابِرِينَ﴾ [النحل: ١٢٦] أن الأكمل لهم الإغضاء عن السيئة، وترك المؤاخذة عليها، فالصفح عن الأذى - مع القدرة على الانتقام - ضرب من الكرم، ومظهر من مظاهر الرحمة، وأخذ بالعزيمة الراشدة.
ثم قال - تعالى ـ: ﴿وَاصْبِرْ وَمَا صَبْرُكَ إِلَّا بِاللَّهِ﴾ [النحل: ١٢٧] فرغّب في الصبر بطريق أبلغ؛ إذ وجّه الخطاب إلى الرسول ﷺ وهو أسرع الناس إلى الاستقامة على الطريقة؛ فيجدون من سنة التأسي به نشاطا للطاعة، وباعثا على التجمل بالصبر، وإن ثقلت على النفوس وطأته.
ومن هذا القبيل تذكير الناس بعاقبة العمل الصالح وإن كان شاقا على
1 / 60